الدعوة السابقة التي وجهتها واشنطن للأوروبيين لإرسال قوات برية إلى سورية بذريعة مُحاربة تنظيم داعش الإرهابي، تَبدو واشنطن اليوم بصدد تنفيذها استعداداً للخروج، أو اندفاعاً لتوريط القارة العجوز بما لا قُدرة لها على تَحمله، أو رغبة منها لجعل الدول الأوروبية تتقاسم معها المسؤولية مُناصفة عن كل ما قامت به سواء لجهة جرائم القتل والإبادة التي ارتكبتها بحق المدنيين فضلاً عن تدمير الرقة ومناطق واسعة، أم لناحية دعم التنظيمات الإرهابية التي تَدّعي واشنطن محاربتها!.
ما من مناسبة تُبرر تَجديد واشنطن دعوة ألمانيا لإرسال قوات برية إلى سورية، سوى ما ادّعاه جيمس جيفري من أن بلاده تريد لهذه القوات أن تَحل جزئياً محل القوات الأميركية التي لم يتحدث عن وُجهتها! هل ستَنسحب؟ متى وإلى أين؟ ولماذا تَعتزم الانسحاب إذا كان الخطر المزعوم المُتصل بعودة داعش قائماً؟ ولماذا لم تَنسحب بعد إعلان دونالد ترامب الهوليودي السابق إلحاق الهزيمة بداعش؟.
في الحقيقة، يُبدي الاستجداء الأميركي لألمانيا خصوصاً، وللدول الأوروبية عموماً، لإرسال قوات برية إلى سورية خَشية الولايات المتحدة من أن تَبقى وحيدة، ويُظهر استماتتها بالبحث عن سبل الإبقاء على تحالف العدوان الذي تقوده حياً، خاصة أن مُباحثات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة في برلين لم تَنجح بانتزاع تعهد بإبقاء ألمانيا قواتها في سورية بعد تشرين الأول القادم.
تعتمد واشنطن على كذبة اخترعتَها وتنفخ فيها بهذه الأثناء من أن تنظيم داعش الإرهابي يُرمم ذاته ويتحضر للعودة، ذلك لإقناع شركائها الأوروبيين بتحالف العدوان البقاء في سورية ولإرسال قوات إضافية. وربما تَرمي إدارة ترامب إلى خلط الأوراق من خلال تكريس الوجود غير الشرعي لقوات أوروبية إلى جانب وجود قواتها الاحتلالي، ذلك أن خطة واشنطن لمرحلة ما بعد داعش تقتضي منها ألا تكون وحيدة كي لا تُحشر في زاوية صعبة.
النفخُ الأميركي بالكذبة الجديدة يُراد به تأليف مسلسل جديد يقوم على فبركة أحداث لا وجود لها يُراد بها مُراكمة أكاذيب تُبرر العودة لسيناريوهات قديمة تُمدد للحرب والعدوان، وتُؤسس للعبث مُجدداً بالمنطقة اعتماداً على فلول الدواعش التي ليس من المُصادفة أنها بَقيت فقط في محيط المناطق التي تحتلها أميركا على جانبي الحدود السورية العراقية!.
الاستجداءُ الأميركي لألمانيا وغيرها، مُحاولة مَكشوفة للتلاعب بالمُعطيات هروباً من استحقاقات كُبرى سياسية وميدانية، إذا تمكنت واشنطن من التَّملص منها اليوم، فلن تتمكن غداً، ذلك أن عمليات الجيش العربي السوري بالتعاون مع حلفائه بمُلاحقة فلول الدواعش، تلتقي حالياً مع عملية (إرادة النصر) التي تَجري على الجانب العراقي، وهو ما سيُعري واشنطن ويَقطع الطريق عليها، ولا يكتفي بسحب ذرائعها وفضح أكاذيبها.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 8-7-2019
الرقم: 17018