ثورة أون لاين- علي نصر الله:
المعلوماتُ المُوثقة التي قدّمها مندوب سورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في مؤتمر صحفي مُشترك عقده في لاهاي مع البعثة الروسية لدى المنظمة، لا تُمثل فقط الرد على تقرير المُنظمة، ولا تكتفي بطَي صفحة الاتهام المَبني على الأكاذيب، وإنما تَفتح الباب واسعاً للمُحاسبة.
صار واضحاً حجم التلفيقات والفبركات التي احتواها تقرير مُفتشي منظمة حظر السلاح الكيماوي، ذلك التقرير الذي امتلأ بالتحريض ضد سورية، والذي افتقد المصداقية والمهنية، والذي لم يكن مَوضوعياً، بمقابل ما بات يُعرف عنه أنه التقرير الذي جرى التلاعب به ليكون مُسيساً واستفزازياً، وليُشوه الحقائق، فيُزورها ويَقلبها، بالاعتماد على ادعاءات كاذبة لا أساس لها.
المعلوماتُ التي قُدمت بالمؤتمر الصحفي المشترك السوري الروسي في لاهاي، إذا كان هناك ذرة أخلاق أو مصداقية مُتبقية لدى مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، فيَنبغي أن تُشكل الأساس لفتح صفحة المُحاسبة التي يجب أن تَطول ليس فقط المُفتشين الفاسدين الذين تَخلوا عن مهنيتهم والمعايير القانونية والأخلاقية فضلاً عن المعايير المهنية، والذين خضعوا لإملاءات سياسية وأوامر عمل أميركية، وإنما يَجب أن تَطول سياسيين في دائرة واسعة تَبدأ بالأمم المتحدة وقد لا تنتهي بسفراء ووزراء خارجية دول منظومة العدوان وأولها الولايات المتحدة.
إلى جانب المعلومات التي تم تَقديمها والكشف عنها في لاهاي، لا بد أيضاً من التركيز على المُلاحظات التقنية والفنية التي أبدتها سورية وروسيا على التقارير وعلى طرائق ومَنهجيات عمل الفريق الدولي، ذلك أنه تَخلى عن الموضوعية والمهنية سواء بالانتقائية التي انتهجها بأخذ العينات وتحليلها، أم بانتقائية الاستماع للشهود المُفبركين، أم بالاستنتاجات التي انتهى لها!.
اجتماعُ المعلومات مع الملاحظات السورية الروسية، يُشكل في واقع الأمر رزمة أدلة تَفضح الجريمة ومُرتكبيها، وهي جريمة مُركبة يجب ألّا تَمر بلا محاسبة، فمن جهة هي جريمة حرب ارتُكبت باستخدام سلاح كيماوي، ومن جهة ثانية هي جريمة حرب سياسية أخلاقية ارتُكبت عندما جرى فبركة وتزوير الوقائع لاتهام جهة أخرى بارتكابها، وهي جريمة حرب سياسية جنائية عندما قامت دول بحكوماتها وأجهزة استخباراتها بنقل وتزويد الإرهابيين بالمواد الكيماوية وبتدريبهم على استخدامها، وبتحريضهم على ارتكابها.
فوق كل ذلك هي جريمة غير مَسبوقة ربما، إذ تتورط حكومات دول مُتعددة بدعم تنظيمات إرهابية، فتُغطيها سياسياً، وتَحميها جنائياً، وتُزودها ليس بسلاح تقليدي فردي بل بسلاح كيماوي! ذلك بَدَلَ مُحاربتها ومُكافحتها! وذلك فضلاً عن أن ادّعاء مُحاربتها والقيام بدعمها يُعد جريمة قد لا يُعثر على تَسمية لها لشدة قَذارتها.. صفحةُ مُحاسبة كل المُتورطين بالجريمة النكراء إذا لم تُفتح الآن لعدة أسباب ولظروف يُقال إنها لم تَنضج بعد، فإنها لن تَمر، وسنَفتحها أمام المحاكم الدولية.