الملحق الثقافي:سلام الفاضل:
وداد سكاكيني هي أديبة عربية سورية شامية دمشقية تفخر بها بلاد الشام. كتبت الشعر والرواية، والقصة، والقصة القصيرة، والنقد الأدبي، والخاطرة، والمقالة الصحفية. امتاز نتاجها الأدبي بنبوغ الموهبة التي طبعت جلَّ أعمالها الإبداعية فهي كانت تختار موضوعاتها المتنوعة والمختلفة الغنية فنياً بكل دقة. والقارئ لأدبها يحس عامة بحرارة اللهجة، وقوة النبرة، وجزالة الكلمة، كما ويعرف انتصارها لقيم الأخلاق، والشرف، والفضيلة، والاستقامة، والتهذيب.
وكتاب (وداد سكاكيني بين البحث والإبداع)، إعداد وتوثيق: مالك صقور، ونزيه الخوري، والصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يتناول بين دفتيه وقائع الندوة الثقافية التي تطرقت في أعمالها لحياة هذه الأديبة العربية السورية.
تعدد الأجناس
تناول د. عبد الله الشاهر في ورقته الحديث عن الدور الريادي لوداد سكاكيني التي شغلت على مدى ستة عقود من حياتها الأوساط الأدبية والثقافية من قراء ومبدعين ونقاد ومفكرين، فكان نتاجها مثار جدل واهتمام، وخاصة ما تعلق منه بأدب المرأة وتاريخها. إلى جانب تعدد اشتغالاتها في أكثر من جنس أدبي، وقد تجلت أعمالها من خلال:
في القصة القصيرة: تعد وداد سكاكيني رائدة في مجال القصة القصيرة النسوية، ولها في ذلك خمس مجموعات قصصية، هي (مرايا الناس – بين النيل والنخيل – الستار المرفوع – نفوس تتكلم – أقوى من السنين). حرصت فيها على الواقعية والتغلغل في أعماق الشخصية، وبدت كذلك قدرتها على تقديم صوت المعاناة بصدق وعفوية، مما قرب بعض هذه القصص من فن السيرة الذاتية.
في الرواية: إن القارئ للروايتين اللتين كتبتهما وداد سكاكيني وهما (أروى بنت الخطوب، والحب المحرم) يرى إدراكها المبكر للمفاهيم الأساسية لفن الرواية، لذلك عُدت وداد سكاكيني إحدى أبرز المساهمات في إبراز نظرية الرواية العربية، وعليه فإنه لا يمكن تجاهل الدور الريادي لوداد سكاكيني في هذا المجال، كما أنه لا يمكن تجاهل دورها في التأسيس للحضور النسوي في تلك التجربة.
في الشعر: لم تصدر وداد سكاكيني مجموعة شعرية غير أنها كانت تقرض الشعر، ولها قصائد نشرتها في صحف ومجلات عصر كقصيدة (بين أديبتين).
في النقد: لا يمكن تجاهل الدور الهام الذي نهضت به وداد سكاكيني في محاولات التنظير لقيم وتقاليد النقد العربي الحديث حيث إنها تناولت في نقدها الأدبي مختلف الأجناس الأدبية الحديثة، ولا سيما القصة والرواية والشعر.
في الدراسات والسيرة: لوداد سكاكيني في مجال الدراسات العديد من المؤلفات منها كتب (أمهات المؤمنين، ونساء شهيرات من الشرق والغرب، وقاسم أمين) وغيرها.
أما في مجال السيرة فيعد كتابها (مي زيادة في حياتها وآثارها) من أهم الكتب التي تناولت فيه حياة مي زيادة وآثارها.
رائدة في الأدب والحياة
من جهتها بينت أ. فلك حصرية في مداخلتها أن نهايات القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين امتازت ببروز أصوات جادة في مجال تحرر المرأة والدعوة إلى مشاركتها في عملية النهوض العام، وتعد الأديبة وداد سكاكيني في مقدمة هذه الأصوات من سورية. فوداد سكاكيني شاركت مع بنات جيلها من الأديبات العربيات المبدعات مشاركة إيجابية في الدعوة إلى النهضة والإصلاح مع ملاحظة عدم التخلي عن قيم المجتمع وأخلاقياته الأصيلة، وقد أكدت الأديبة سكاكيني على ذلك في كل ما كتبته بقديمه وجديده، ليشهد لها الجميع في الختام بصفاء الأسلوب، وعمق الثقافة والفكر.
قضية المرأة
بدوره د. عاطف البطرس تحدث في مداخلته عن كتاب (إنصاف المرأة)، عارضاً أبرز عناوينه، مبيناً أن الكاتبة في هذا الكتاب لا تهاجم وليست من أصحاب الموقف الثوري التغييري القائم على إحداث انقلابات اجتماعية لتصل المرأة إلى بعض حقوقها، فإنصاف المرأة من وجهة نظر الكاتبة هو مطالبة بالحقوق وليس انقلاباً ثورياً يصل إلى حد التمرد.
كما عرض البطرس بأن الكاتبة في هذا الكتاب تحدثت عن دور المرأة السورية في النضال ضد الحكم العثماني والاستعمار الفرنسي، والمشاركة في المظاهرات وتربية الأبناء وإرضاعهم الوطنية الحقة والنخوة والحمية، وهي تحدثت أيضاً عن سوق عكاظ في القديم، وعن مجالس الأدب في العصر الحديث، وتناولت كذلك الحديث عن أدب النساء، وعن حق المرأة في التعليم العالي ومساواتها بالرجل، وبأن المرأة ليست جسداً فقط، بل أريد لها أن تكون كذلك بغية استلاب ما فيها من مزايا، وما تملك من خصائص.
يقع هذا الكتاب في 94 صفحة يتضمن في ختامه مختارات من أدب وداد سكاكيني.
التاريخ: الثلاثاء16-7-2019
رقم العدد : 16025