هل خرجت دول النفط العربي من عباءة أميركا؟

 

 بعد الإفراج عن باخرة جبل طارق، تكون إيران باحتجازها لناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز قد أرست معادلة دولية بخصوص الممرات الدولية وغيرت قواعد الاشتباك بأن الناقلة بالناقلة ولا شيء غير هذا، إضافة إلى التأكيد بأن مضيق هرمز وهو الشريان الحيوي لنفط العالم هو الآن تحت السيطرة الإيرانية ومن حقها، وهي غير مستعدة للتنازل عن هذا الحق لأنها تعرف أن دول العالم ليست في وارد شن حرب على إيران تحت ضغوطات الصهيونية العالمية، بل ليست قادرة على تحمل تداعيات أي عدوان أحمق على إيران.
البعض يحاول أن يطلق على الموقف الإيراني حتى وهي تحت الحصار بأنه موقف متعنت وعنيد، وهذا لزوم ما يلزم من البروباغندا الإعلامية، لكن الحقيقة يعرفها هؤلاء وهي أن إيران من حقها أن تمارس نفوذها في مناطق سيطرتها وإلى المديات التي تصل إليها صواريخها، لأن هؤلاء يعرفون أن الخطر ليس من إيران بل من أرباب الإرهاب وصنَّاعه طوال عقود من الزمن والذي ارتد مؤخراً إلى عقر دارهم، لهذا إذا دخلوا في حرب مفروضة عليهم سيدخلون وهم يحملون هزيمتهم على أكتافهم.
المستجد في هذه الأزمة هو تطورات مواقف دول الخليج النفطية تجاه إيران، فقد فهمت تلك الدول وخصوصاً الإمارات والسعودية أن الخطر لن يأتي من إيران، وهذه الدول في قرارة نفسها رغم العداء التاريخي تدرك أن اقتصادها ونفطها وأموالها بيد أميركا والصهيونية العالمية المهيمنة على القرار العالمي، وأن ما فعلته وتفعله ليس سوى إذعاناً لإملاءات وأوامر القوى الخفية التي تملك نصف ثروات العالم وهذه القوى لن تتخلى عن نفوذها بل تسعى بكل الوسائل للسيطرة على من يقف في وجهها لدرجة الإلغاء ومنهم محورالممانعة.
إن دول الخليج الساعية إلى إعادة العلاقات مع إيران تعرف أنها – كما قلنا – ليست خطراً عليها وأنها بتعاونها تضمن أمنها، لأن كل الخطر من أميركا التي تستنزف ثرواتها بحجة حمايتها من عدو وهمي، كما تعرف أنها إذا قدمت لها الحماية فليس من أي خطر خارجي بل من الأخطار الداخلية أي من شعوبها المقهورة المسحوقة، وبمعنى أدق فهي تحمي عروش حكامها.
إذن لماذا بادرت الإمارات وبطبيعة الحال بتنسيق مع السعودية إلى التقارب مع إيران؟
الجواب بكل بساطة أن تلك الدول لا تريد أن تتخلص من الهيمنة الأميركية لأنها تعتقد أنها ما زالت تحميها، بل تسعى أيضاً إلى عملية توازن مع الدول الأخرى التي أصبحت شريكاً في القرار العالمي بعد الفشل الأميركي المتكرر في أي عملية قامت بها، خصوصاً في سورية والعراق وأخيراً بفرض العقوبات الاقتصادية على إيران التي وإن تضررت منها إلا أنها جعلتها تعتمد على نفسها في سياسة التقشف وفي تنويع التصدير الذي كان يعتمد على النفط كمصدر شبه وحيد لثروتها.
فهل هذا التقارب يعني أن الإمارات والسعودية قد خرجتا من العباءة الأميركية.. طبعاً.. لا.
فالدولتان لا تفعلان شيئاً إلا بموافقة أميركا، ولكنهما هذه المرة قد تتجاوزان المسموح به بعد تغير قواعد الاشتباك لأنهما تدركان أن ترامب سوف يكون مشغولاً حتى أذنيه في الانتخابات القادمة وكل همه أن يرضي ناخبيه بعد أن استشرس الديمقراطيون عليه وفاحت فضائحه وأصبح تحت مطرقة الدولة العميقة.
إن غداً لناظره قريب…

د. عبد الحميد دشتي
التاريخ: الثلاثاء 20-8-2019
الرقم: 17051

آخر الأخبار
العلاقات السورية الروسية .. من الهمينة إلى الندية والشراكة  الصحة النفسية ركيزة الرفاه الإنساني  حملة "فسحة سلام" تختتم مرحلتها الأولى  بفيلم "إنفيكتوس"   قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي