حتى الرمق الأخير يأبى ضامن الإرهابيين أردوغان إلا أن يناور على جميع الحبال لكسب المزيد من الوقت يسخره في خدمة إرهابيي «النصرة» لإطالة أمد بقائهم، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من تشيكلات جيشه المحتل لأجزاء من الأراضي السورية، وهذا ما أثبتته معطيات الميدان من دعم عسكري ولوجستي وسياسي متواصل لأولئك الإرهابيين، وتجسد هذا الأمر بشكل أوضح في الصدمة المدوية التي يتلقاها اليوم بتقهقر إرهابييه بريف ادلب، بعدما اندحروا عن ريف حماة.
وعلى جناحي «آستنة» و»سوتشي» اللذين التف عليهما مرارا، ولم ينفذ أي من تعهداته تجاههما واتخذهما ستارا لتكريس مشروعه العدواني، يحاول أردوغان اللجوء إلى الضامن الروسي -الذي خبر جيدا التلاعب التركي- أن يستحصل منه على وقت إضافي، أو مهلة زمنية جديدة يعاود المراوغة من خلالها على مخرجات «سوتشي»، علما أن هذا الاتفاق بات بحكم المنتهي، وقد وصلته رسالة روسيا قبل المجيء إليها، بأنه هو المسؤول عن الوضع المتوتر في إدلب وفقاً لاتفاقيات سوتشي، وأنه لم يعد بالإمكان تنظيم الدوريات المشتركة بين الجانبين الروسي والتركي في إدلب، والأهم من ذلك أن كل ما يقوم به الجيش العربي السوري هو حق مشروع لتحرير أراضيه من الإرهاب.
نظام أردوغان يتحسر على هزيمة مشروعه الذي يتهاوى مع تقهقر إرهابيي «النصرة»، ولذلك يستميت في البحث عن ذرائع تطيل أمد احتلاله لإدلب، وما يسمى نقاط المراقبة التي أنشأها في الأساس لدعم إرهابييه إحدى تلك الذرائع، التي يحاول إيهام الجانب الروسي بضرورة بقائها وفقا لاتفاقات آستنة وسوتشي، علما أن تلك النقاط حولها أردوغان إلى مواقع لنقل السلاح والعتاد إلى التنظيمات الإرهابية، وإلى ملجأ يعتقد أنه آمن لمرتزقته، وهذا الأمر أدركه الجانب الروسي تماما، وسبق له أن شككك بماهية تلك النقاط، بتأكيده أن الجانب التركي لم يمنع الإرهابيين عن مواصلة اعتداءاتهم على مواقع الجيش العربي السوري، والمدنيين في منطقة خفض التصعيد وفقا لما اقتضته الاتفاقات والتفاهمات بهذا الشأن، وكان لا بد من البحث عن وسائل أخرى تنهي الوضع الراهن في ادلب، ولا شك أن تجديد دعمه للجيش العربي السوري في القضاء على بؤرة الإرهاب هناك إحدى تلك الوسائل.
ضامن الإرهابيين أردوغان ليس بوارده على الإطلاق التخلي عن أذرعه الإرهابية، لأنه بكل بساطه غارق حتى النخاع في أوهام أطماعه التوسعية، ولكنه لن يجني سوى الخيبة والخذلان، لأن صبر الدولة السورية لن يكون إلى ما لا نهاية، والجيش لن يتوقف عن محاربة الإرهاب وداعميه حتى إنجاز النصر النهائي عليهم واجتثاثهم من جذورهم.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 28-8-2019
رقم العدد : 17058