لن أدخل في تحليل طويل حول ما يمكن تسميته: الترامبية..
أكتفي بالقول: إن ترامب هو الصورة الأصدق للرأسمالية في مرحلتها الراهنة.. مرحلة ما بعد العولمة.. والنكوص إلى حالة الاستعمار والدولة الوطنية..
هي حالة يفرضها الجشع الرأسمالي للحصاد المباشر لكل ما أنجزته العولمة وحرية التجارة والسوق المفتوحة من مكاسب ممكنة.. ليتم حصادها اليوم.. بشكل مباشر.. ودون استخدام المحسنات البديعية والمسهلات..
هكذا.. ستدفعون.. كبيركم مع صغيركم.. الحليف مع العدو.. الكل سيدفع لخزانة الرأسمالية العالمية وخازنها اليوم هو: دونالد ترامب..
خازنها اليوم.. وليس غداً.. لأن نفسه ضيق وإمكاناته محدودة.. ويغلب عليه الطابع التهريجي.. وربما لهذا السبب بالذات اختاروه.. ليعلنوا إفلاسه في يوم أو مرحلة قريبة.. ويستبدلونه دون تغيير في الحالة العالمية.. إنما لتخفيف الطابع التهريجي في سياسته..
تذكروا جميعاً حفلة التهريج على شرف الملك سلمان بن عبد العزيز.. وقبلها الحفلة المسرحية الكوميدية مع صنيعهم محمد بن سلمان.. الذي يقتفي الأثر.. لكن بغباء ووحشية.. تذكروا أيضاً همروجة وتهريجة استقالة سعد الحريري.. التي وقف لها بالمرصاد الجنرال عون فجعلها تتراجع لتأخذ طابعها الأكثر إضحاكاً عندما طلب محمد بن سلمان من سعد الحريري على المسرح أن يقول إذا كان أحد ضغط عليه يوم قدم استقالته على الأثير السعودي.. وكالذليل نفى الحريري أن أحداً كان قد ضغط عليه.
هذا ليس مزاحاً.. ولا عبث مهرج.. إنه الحالة الرأسمالية التي استعرت اليوم تحصد نتاج لعبتها العالمية في الربع الأخير من القرن العشرين وامتداداً.. إلى اليوم..
الحالة منتشرة على مساحة العالم.. وما الحرب التجارية مع الصين وحصار الخصوم وإقامة التحالفات عديمة الجدوى.. و.. إلا تجلٍ آخر للواقع الراهن للنطام العالمي.
اليوم وفي اجتماعات السبعة يقول ترامب للتابعين:
إيران ستنهار مالياً..
الفلسطينيون سيحتاجون المال لحياتهم وخطة السلام الأميركي الصهيوني معدة لهم..
الحصار الاقتصادي على سورية يجب ألا يخرق.. ونحن نتابع ناقلة النفط المشتبه بها أنها ستنقله لسورية..
وكلام عن الصين.. وعن فنزويلا.. وحتى عن أوروبا..
وكله ينضوي تحت راية المال.. المال.. والحصار.. الحصار..
فإذا أضيف إلى ذلك الحروب التي شنتها الرأسمالية على دول عديدة لتفتتها وتعلن إفلاسها.. نكون أمام ما لا يقل عن حرب عالمية يحتل المال والإعلام فيها السلاحين الأهم..
في هذه الحرب وما تعتريه من حقد وكراهية وعنصرية.. كان ترامب الوجه الصادق والمعبر دون خجل عن الحالة والواقع..
أسعد عبود
As.abboud@gmail.com
التاريخ: الأربعاء 28-8-2019
رقم العدد : 17058