إذا أمكن أن تربح مليون دولار ماذا ستفعل بشكل غير اعتيادي ؟ماذا ستفعل ان علمت أن اليوم لديك فقط ستة أشهر لتعيشها ..؟ ما الذي يجب أن تتوقف عن فعله .. ومن الذي ستقضي وقتك معه ..؟ ما هي الأفعال الخيرة التي ستقوم بها لتكفر بها عن سيئات مضت بلا حساب ..؟
التقدير الذاتي والرضا والسعادة في الحياة تأتي من جعل الاهداف والنشاطات متوافقة مع القيم ,مع الأولويات .. مع ما نعده شيئا هاما ..فما هو الشيء العظيم الذي نجرؤ على الحلم به إن علمنا أننا لا يمكننا ان نفشل ..؟ وإذا ما علمنا علم اليقين أننا لن نفشل فما هو الشيء الذي سنضعه هدفا لأنفسنا ..؟
ولأن الإجابة أحيانا على هذه الأسئلة ستخبرنا بالشيء الذي وضعناه على الأرض لننجزه ..فهل فعلا تتحقق معظم الأهداف ان أردنا أم تبقى ..؟!
في مرمى الأسئلة المتكررة ومرمى أفق تحقيقها قد تتلاشى بعض الأهداف إما بفعل الظروف وإما بفعل ضياع الأمل في غيبوبة الأحداث المتلاحقة ..مجموعة من التساؤلات ..
ضمن هذا الاطار نثرنا أسئلتنا على مجموعة من الأفراد المختلفة آراؤهم وأعمارهم ودراستهم فماذا ستكون النتيجة ..؟
إن الغالبية العظمى من الناس ليس لديهم الايمان الكافي بمستقبلهم وعندما نتوجه الى سؤالهم ،يكتفون بالصمت ربما الضعف الأساسي يكمن دائما بعدم التوجيه الصحيح منذ الصغر..
وإذا ما جربنا مرّة أن نسأل مجموعة من الطلبة :ما هدفكم في الحياة؟ أو بصورة أبسط: لِمَ تأتون إلى المدرسة؟ نلاحظ كم الإجابات الذي تذهلنا بتكرارها: «لا أعرف»، «لأجل أهلي»، «لأرى
أصدقائي»، «لأتعلم»..وكثير من الإجابات اللاّمنطقية والتي تُدلل بقوة على غياب الهدف لدى الغالبية, والأدهى الجهل بمفهوم «الهدف» من التعليم أو من الحياة على وجه العموم، فتلك الأسئلة لم تراودهم إما تبعاً للبيئة التلقينية التي ينشأ فيها الشخص مدرسياً وأسرياً، وإما لضمور العقل الذي يُفكر في ماهية وجوده فتلهيه ملذّات الحياة.. عدا عن أسلوب الحياة الذي طغت فيه الماديات على
كل شيء .. فلم تعد الفلسفة على جائع فهو يريد لقمة العيش في كل يوم ..ولا يبحث عن الحكمة ..!
فمن يملك هدفا في حياته تتطور ملكاته العقلية وتتحفز لتُعطيه ما يُخطط له ، فيصبح قادراً على التفكير المنهجي، وربط الأسباب بالمسببات والقدرة على التمييز بين الصالح والفاسد، دراسة الاحتمالات، الاختيار بين البدائل ,التحليل، والقدرة على فهم الواقع؛ ما يجعل كل جهد يقوم به مبني على خطة واعية ويُضيف إليه نجمة إنجاز، تدفعه للمزيد..أما في وقتنا هذا وبعد أن أضيفت قائمة من الاحباطات والظروف القاسية للبعض فلم يعد هذا التسلسل جليّاً ..وربما أصبح من السهل الآن الحصول على الشهادة عند توفر المادة .. والتي تنتج بدورها أطباء تجارا محامين بائعين ومشترين .. وعندما نبحث عن علاج قضايا وأمراض فلن نجد ..فهنا يكون الضياع بذاته ..وهكذا تغلب سلطة المال على كل شيء في الحياة ..نعم هناك أزمة اجتماعية وثقافية حقيقية نعاني منها، إن لم نستطع معها تكوين بيئة مناسبة لتربية هؤلاء الشباب ونشوئهم نشأة صحيحة .. لابد لنا أن نعترف أننا نكاد أن نفقدهم في غمار هذا المعترك المضني مع تقلبات الحياة وصراعات أعداء الحق..
وإذا فقد الشاب هدفه، وجد نفسه في تيه لا يدري أوله من آخره، وقد أحاطت به ظلمة مغيبة، فلا يكاد يرى طريقه، فهو يسير سير التائهين، ويتخبط بين الأقدام .. وقد يستغرب البعض من حديثنا عن فقدان الإيمان وغياب الهدف لدى شباب أمة يكثر حديثها عن الإيمان في كل موطن، وينتشر حديثها عن الأمل والطموح في أدبياتها وأشعارها بل وفي أحاديثها وأحلامها..
فمن الواجب ..بات أن يكون لدينا تصورات واضحة تجاه هؤلاء القادمين، الذين سيتولون يوما دفّة قيادة المجتمع عن قريب، كيف إذن سيكون شكل ذلك المجتمع..مع هذا الكم الثقيل من اليأس والتيه وضعف الإيمان بالقدرات ..وبمن يتولى توجيهها .. ؟!
فكل الوقت الآن هو محسوب بثوانيه ودقائقه وساعاته ومن الضروري عدم افلات هذا الزمن ورميه بين الحفر التي تجعل من الاكتئاب واليأس السمة الأساسية لشيخوخة هذا العصر ..!!
بشرى حاج معلا
التاريخ: الجمعة 13-9-2019
الرقم: 17074