ثورة أون لاين – شهناز صبحي فاكوش:
منذ عامين والأيام تسير متتالية ولا نعرف إلى أين ستصل في أوراق التقويم السنوي كل ما يجري على الأرض السورية مليء بالفتوق التي تحتاج إلى رثّاء ماهر يرتقها… تُرى؟!!… أم أنها تحتاج إلى أن يمد كلٌّ يده الخيّرة ليرتق الفتق بجانبه أو فيه. أو أن تستفيق العقول لترأب التصدع الذي حدث فيها…
في كل ما يحدث على الأرض السورية لو سألنا من المستفيد؟؟.. ودخل الفكر المتحرر من كل ارتباط إلى دائرة التفكير العقلاني المتجرد من أي تواصل، لتكون الصورة جلية فنرى بالعين الثاقبة البعيدة عن أي مؤثرات، من المستفيد مما يحدث في سورية؟؟.
قَتْلٌ ازداد الدم فيه حتى طال داخل بيوت الله. تخريب وتهديم بدأ يسري كالوباء في جميع المحافظات. تهجير تحت تهديد السلاح ليزداد التشرّد داخل الوطن وخارجه…
والمواطن يستشعر الأمان حيث يجد جنود الجيش العربي السوري. وتستنفر أعصابه ويتمتم كل ما يحفظ من القرآن الكريم عندما يوقفه حاجز أو مجموعة مسلحة، خشيةً على حياته أو من معه…
بعين حياديّة مجردة، كيف يمكن لنا قراءة الصور، والمُشاهد يرى على إحدى الشاشات الشريكة بالدم السوري أحدهم ليعلن أنه يتواصل مع أصدقائه في الجيش ويتنقل في مواقع كثيرة ويزرع الشرائح التي تعطي المؤشر لتصل قذائف المسلحين إلى ذات المكان…
بالله عليكم… كيف للمرء أن يستوعب أن هذا المتحدث ابن جلدته…
هذا الخرق كيف يمكن رتقه ونفس ضعيفة لا يمكن القول فيها إلا أنها تخون وطنها أو على الأقل أصدقاءها ليتم استهدافهم وقتلهم…
يذكرني هذا المشهد بحافلات نقل تأتي قوافل، تحمل المئات من أناس من مختلف الجنسيات تدّعي أنها دروع بشرية. تمخر الأراضي السورية لنودعها في نقطة الحدود مع العراق، ونقدم كامل التسهيلات لها ووجبات الطعام، على أنهم متطوعون لحماية المنشآت الحيوية والمناطق الآهلة في العراق. كي تبتعد أسلحة الغزو الأمريكي عن الأماكن التي يتواجدون فيها حفاظاً عليها؛ وخشية تورط أمريكا في إصابتهم وتأليب العالم عليها. كم نحن طيبوا القلب وأعني (العرب جميعاً). بعد حين عرفنا أنهم حملة أقراص لايزرية لتوجيه السلاح الأمريكي في استهداف المناطق الحيوية (يمكن أن نستوعب ذلك فهؤلاء ليسوا من أصلها ولا من عرقِها). حتى دمرت العراق وعادت إلى ما قبل الحضارة الحديثة تلك التي وصلت في وقت ما إلى مصافّ الدول المتقدمة علمياً وبحثياً. بعيداً عن الفعل السياسي مع أو ضد…
ذات المشهد اليوم، اختراقات وفتوقات لا يستفيد منها إلى حملة السلاح مختلف المصادر وحَمَلَتَهُ، ضد سورية الوطن والشعب. ولكن هذه المرة (بيده لا بيد عمرو) أي بيد السوري المختَرَق مع الأسف؛ الذي جُيّش ودُرِّبَ وحُقِنَ رأسه وقلبه ضد وطنه بشتى الفيروسات والآفات…
حتى أصبح والعنف شيئاً واحداً يصعب فصلهما، في معادلة كيميائية تصعب معظم المركبات الفصل بينها حتى الحرارية منها… وبعد أن أصبح رهينة العنف يُوَرَّدُ له المدرَّبَونَ على مدار سنين في دول دُمّرت بسبب العنف تحت عناوين شتى، من تسميات لجبهات وألوية ومجموعات كلها تدعي أنها (جهادية)…
استَغلوا ما حدث في الساحات العربية فحركوا الشارع تحت عنوان كبير (التغيير السياسي) لكنهم زرعوا السلاح بين صفوف حملة الشعار بعلمهم، أم دون علم (هذا اتضح فيما بعد) خروق تسربت بينهم لتوريطهم وتحميلهم السلاح، تحت عنوان الضرورة لمواجهة النظام للتغيير السياسي… تلبية لنداء وجهته (المستنكرة) لقتل الشعب (سهير الأتاسي) أي تناقض يعيشه هؤلاء وأي تشظٍ في شخصياتهم وهم المتورطون بالفساد المالي حسب توصيف مجموعاتهم (المعارضة) واتهام بعضهم بعضاً بزرع السلاح الذي بدأ يتوجه لصدورهم من بعضهم البعض والدليل (ما حدث لمن يدعى بقائد قواتهم)!!.
مع أن الدولة قدمت كل المبادرات الجدّية، والتي لو كان الهدف مما يحدث على الساحة السورية مطلبه التغيير السياسي لكان كافياً، أو على الأقل خطوات إلى طريق إنضاج الصورة التي يرغبها حملة النهج السياسي المفتَقِدون. إلا من يخالف ويختلف، حتى فيمن ادعوا أنهم معارضة، لأن من الواضح أن المناصب هي الهدف الذي يتضح يوماً بعد يوم في محاولة للوصول إليه داخل الوطن أم خارجه والحجة تغيير النظام. لكن مهما حاولوا تضليل الرأي العام بشعارات وبيانات بأنهم لا يرغبون بالمناصب التي ليست هدفاً لهم كما يدعون… يفضحهم الصراع الذي يعيشون ويراه (الأعمى)…
كيف لكل هذه الفتوق أن ترتق…
وتغذية حاقدة تتشبث بتلابيب من يسمّون أنفسهم ثواراً. حتى لأصبحت أحقادهم ناراً تطالهم قبل غيرهم… ترى أما من استفاقة لهذا الشباب الذي ينجرف في ركاب حملة السلاح قسراً أو طوعاً. ليصبح تحت إِمْرَةِ هذا القادم من أطراف الدنيا مدّعياً أنه أكثر تدريباً، وأكثر مهارة في توجيه السلاح نحو الصدور، والقذائف نحو المنشآت وبيوت المدنيين، ابن الوطن الغالي ألا ينظر إلى أن هذا الذي يدعي ذلك، أنه لن يخسر ولداً ولا بيتاً فقد دَمَّرَ حياته خارج حدودنا وجاء ليستكمل تدمير نفسه بتدميرنا، بحجة أنه يريد الشهادة ليلحق بحلم الحوريات أو بصعود سريع إلى السماء… هل كان الكيماوي القاتل لأبنائنا هو طريقه إلى الجنة… والمثير أنهم يتهمونا به وعندما نطلب لجان تحقيق دولية لتثبيت جرائمهم.. يعترضون… لماذا؟!…
أما من صحوة شبابية يا أبناء سورية الغالية…
هل ننتظر حتى ينتهي هذا الركب القادم بلا حسابات إلا الموت، وهو يتزعم شباب الوطن الذين حملوا السلاح ضد أهلهم وذويهم ووطنهم…
عدا عن أولئك الذين أصبحوا عبدةً في أُمَرَتِهم وتحت أوامرهم، وإلا الموت حتماً إن كان التمرد عليهم سبيلاً للحد من قتلهم ورفعهم السلاح ضد الوطن…
لن ترتق الفتوق إلا بالعودة إلى الرشد والذهاب إلى طاولة الحوار. في نبذ الأجسام الغريبة وإخراجها خارج الحدود ليبقى الداخل مُلكاً لأهله وللشعب الذي خرب حياته هؤلاء الذين لا يملكون ما يخسرون… لأن الخسارة الحقيقية لا تطال إلا الوطن وأبناءه الذين سيستفيقون على واقع مؤلم في لحظة لا ينفع فيها الندم، إلا للعبرة والعمل لإعادة الحياة الطبيعية في بناء الوطن… كم من الزمن نحتاج؟!.
بين أبناء الوطن لا غالب ولا مغلوب… أما الغرباء فيعتبرون زيادة تعداد الأرواح التي تزهق بذنب أو دون ذنب هي روائز نصرهم أمام من زجّهم ليقتلونا…
ما يؤلم أكثر أن البلاء المزمن في أولئك الذين يحملون اسم الوطن في هويتهم وهم خارج الحدود يغذون الموت والدمار داخله…
لابد من رتق كل منا للفتق الذي في داخله، والخرق الذي حوله بعقل وحكمة حتى يجد الغريب نفسه لا مكان له بيننا فيغادره برضاه، وإلا فبطلب منا فنحن أولى بوطننا وسوريتنا وبعضنا البعض…

السابق
التالي