يحزُّ في النفس المشهد المسائي لشوارع وحدائق مدينة دمشق بعد أن يمضي الجميع إلى منازلهم، فيما تبقى شوارع المدينة تندب وجعها وقد امتلأت حاويات القمامة عن آخرها وفاضت على جوانبها وتبعثرت مختلف أنواع الأكياس وعلب المشروبات الغازية على أنواعها في كل حدب وزاوية وصوب، ولا سيما عند مراكز الانطلاق والمقاهي والمطاعم لتغفو العاصمة المثقلة بإهمال ساكنيها على مشهد لا يليق بسمعتها العريقة.
خمس ورديات يومية في مديرية النظافة بمحافظة دمشق يومياً لتنظيف الشوارع والحواري فقط بـ 1800 عامل تتراوح أعمار معظمهم بين 40 – 58 عاماً وبمعدات لا تزال دون المستوى ورغم الجهود المبذولة من قبل هؤلاء العمال لجعل المدينة نظيفة، إلا أن جهودهم تذهب أدراج الرياح مع انعدام شبه كامل لما يسمى ثقافة النظافة من الأطفال والبالغين وكبار والسن دون أي رادع من ضمير وأخلاق.
وحقيقة المسألة حالياً زادت عن حدها ولا يكفي أبداً أن تصفق يد مديرية النظافة لوحدها في ظل ارتفاع غير مسبوق لسكان العاصمة، وإن لم تتكاتف الجهود الحكومية والأهلية معاً لإعادة نشر ثقافة النظافة فلن تجدي كل الجهود نفعاً حتى لو تضاعف عدد عمال النظافة أضعافاً، والأجدى البدء بنشر هذه الثقافة المجتمعية والسلوك الحضاري بالالتزام بالنظافة من الصفوف الأولى للدراسة وتخصيص ساعة درسية في الأسبوع مقترنة بسلوك فعلي يشارك فيه المعلمون الطلاب بالقيام بحملات تنظيف لصفوفهم ومدرستهم وتزويدهم بالتوجيهات والإرشادات اللازمة لذلك ونحن لم نطالب هنا كما هو الحال في اليابان على سبيل المثال بساعة يومياً، بالكاد فقط نطالب بساعة واحدة في الأسبوع مروراً بحملات وندوات إعلامية مكثفة في جميع وسائل الإعلام إضافة لإدخالها في الخطب والمنابر الدينية على اختلاف أنواعها وفوق كل هذا فرض غرامات كبيرة على المؤسسات والمنشآت التي لا تلتزم بالنظافة العامة أسوة ببلاد أخرى تصل فيها غرامات عدم الالتزام بقواعد النظافة إلى آلاف الدولارات، مع إضافة اقتراح تشكيل دوريات في المحافظة خاصة بملاحقة تصرفات الأفراد الذين يخالفون قواعد النظافة وفرض غرامة مالية لكل من يتم ضبطه وهو يخالف لنصل إلى نفي المفهوم السائد لدى أغلبنا (خارج سور بيت كل واحد منا لا علاقة لنا به) ونتعامل مع تلك الأماكن وكأنها ملك خاص لنا، لا يحق لنا التصرف فيها كيفما نشاء.
ثورة زينية
التاريخ: الجمعة 20-9-2019
رقم العدد : 17079