ثورة أون لاين-علي نصر الله:
الأزمة الداخلية التي يُعانيها كيان العدو الصهيوني غير مَسبوقة، وربما تُسجل حالة يَصعب توصيفها إذا ما واجهت الأحزاب الفائزة بانتخابات الكنيست العجز عن تشكيل الحكومة في ظل النتائج الحالية التي عكست وضعاً مُعقداً، بدوره قد لا يترك من خيارات أمام سلطات الكيان المحتل إلا الذهاب لانتخابات جديدة، ستكون الثالثة خلال عام واحد!.
ما المُشكلة؟ نتنياهو أم ليبرمان أم غانيتس؟ أم إن المشكلة تكمن في مكان آخر، حيث أزمات الكيان المُتراكمة أفرزت حالة الاستعصاء الحكومية؟.
لا نَدعي امتلاك قراءة حاسمة ونهائية، تُشخص أزمة كيان العدو، غير أن قراءة مشهد الأزمة داخله لا تُخفي خطوطها الأساسية، ذلك أنه ليس صحيحاً أن مُجتمع المستوطنين لا يريد نتنياهو، ولو كان يريد غير نتنياهو ممن هم أكثر تطرفاً لكانت النتائج ذهبت باتجاه آخر.
ولو كان مُجتمع قطعان المستوطنين يرغب بالأقل تَطرفاً أيضاً لكانت النتائج أفرزت حالة أخرى غير القائمة، سواء بانتخابات نيسان الماضي، أم بانتخابات أيلول الجاري الحالية، وأما أنهما – انتخابات نيسان وأيلول – قد أنتجتا حالة العجز المُتماثلة، فإن الأزمة أكثر تعقيداً، وتَحفر بالعمق، تَعكس الأزمة الداخلية، ولا تَبتعد عن الأزمات الخارجية!.
نتنياهو يُمثل الحالة المثالية التي ينشدها مجتمع الإرهاب والتطرف الصهيوني، وفي أثناء توليه رئاسة الحكومة 1996 – 1999 وكذلك بين 2009 و2019 تَحقق لهذا المُجتمع المُتطرف ما لم يَتحقق له في أثناء تولي الأكثر تطرفاً بين رؤساء حكومات الاحتلال من بن غوريون حتى شارون، أين المُشكلة إذاً؟.
وقوفُ الولايات المتحدة مع الكيان، تَبني سياساته العدوانية والعنصرية، اصطفاف الغرب خلفه وإلى جانب الولايات المتحدة بالمُطلق دعماً مالياً وسياسياً، تسليحاً، وضماناً لتفوقه، لم يكن أمراً طارئاً في يوم من الأيام، بل تَضاعف عدة مرات خلال السنوات الأخيرة، وقد تجلى ذلك بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وبقرارات أخرى لا تقل خطورة، أين المُشكلة إذاً؟.
هل حصلَ ذلك إلا في أثناء تولي نتنياهو الحكومة؟ لماذا إذاً لم يَحصل على نتائج تُخوله تشكيل الحكومة مجدداً؟ هل لأن ملفات الفساد تُطوقه كما يُصور البعض الحالة؟ وهل كان أسلافه أقل فساداً منه؟ بيريز وشارون وأولمرت وباراك، ليس بينهم واحد لم تَشله ملفات الفساد، أين المشكلة إذاً؟.
المُشكلة، يُعتقد أنها في مكان آخر، حيث الجُزئية الأخرى من المشهد، المُتصلة بتلاشي قوة الردع، بسقوط أسطورة الوهم، بتحطم مَعنويات جيش الاحتلال من الداخل، كنتائج حقيقية تراكمت منذ اتضح أن الكيان الصهيوني هو أوهى من بيت العنكبوت. لا حاجة للاستفاضة بالشرح، ولا باستعراض الأحداث والتطورات.. من غزة إلى جنوب لبنان وصولاً إلى الفشل الصهيوني باستهداف سورية ومحور المقاومة وصولاً لإيران.
نتنياهو، غانيتس، ليبرمان، الفرق بينهم يُلامس العدم وليس الصفر، مع أي منهم لن يَخرج الكيان من أزمته، ستتفاقم، بل سنَجعلها تتفاقم، ليَختنق.