أردوغـــــان يهــــــرول مذعــــــوراً في مفـــــــازات « الآمنـــــــة»..

ظهر منذ بدء الحديث عن اتفاق أميركي – تركي على إنشاء ما يسمى بمنطقة آمنة داخل الحدود السورية، أنه أي الاتفاق حالة شبه مستحيلة تتورم بالطموحات والأوهام المصحوبة بكوابيس الأطماع والمصالح والمكاسب التي يتسابق الطرفين على تحقيقها على الجغرافيا السورية.
ان هذا الاتفاق لا يستحيل تطبيقه وتنفيذه على الأرض فحسب ، بل أيضاً يستحيل التوافق عليه لأنه سوف يكون حصيلة تقاطعات من الأهداف والانزياحات والتحالفات والتنازلات لكلا الطرفين، وهذا ما لا يستطيع القيام به في هذه المرحلة تحديداً الأميركي والتركي على وجه الخصوص.
فالأميركي الذي يبحث عن أوراق رابحة يغطي بها من جهة الإخفاقات والهزائم المتراكمة له خلال المرحلة الماضية في الميدان السوري، أو على الأقل يحفظ بها ماء وجهه، وتمكنه من جهة أخرى في البقاء في الجغرافية السورية أطول فترة ممكنة، لا يستطيع التخلي عن ( ورقة الإرهاب) بشكل عام و(الورقة الكردية ) بشكل خاص، أو في الحد الأدنى هو غير مستعد للتخلي عن تلك الأوراق في هذا التوقيت تحديداً ما لم يقبض من خلفها ( وتحديداً من التركي ) أثمان تحقق له بالحد الأدنى بعضاً من مبتغاه وأهدافه.
التركي أيضاً هو عالق في نفس الحفرة، حفرة المصالح والأطماع والمكاسب الإستراتيجية ولكن بمستوى أعمق وأضيق كونه لا يجيد اللعب كثيرا بين الكبار وكونه يهرول معصوب العينين في كل الاتجاهات ، خاصة في مساحات التحالفات والفراغات وهي المساحات الأكثر خطراً وظلمة، فهو من جهة لا يستطيع القبول بمشروع أميركي يدعم إنشاء كيان كردي مستقل على حدوده، لأنه يرى في هذا الأمر خطراً وجودياً عليه، وهو من جهة لا يمكنه التغريد خارج السرب الأميركي، لأنه ما يزال يقتات ويعتاش على الدعم والحماية الأميركية التي تشكل بالنسبة له غطاء لممارساته الإرهابية والاخوانية على مستوى المنطقة برمتها على اعتبار أن تلك الممارسات هي جزء من الإستراتيجية الأميركية لتدمير دول وشعوب المنطقة للسيطرة على قرارها وإرادتها وسيادتها ونهب خيراتها وثرواتها.
من هنا يبدو الاتفاق على (الآمنة ) أمراً مستحيلاً في هذه الظروف تحديداً، لا سيما بعد انغماس الطرفين -الأميركي والتركي – بمشاريع واتفاقات وتعهدات متناقضة، فالأميركي تعهد بحماية ودعم الميليشيات الكردية الانفصالية لتحقيق طموحاتها وأوهامها بالانفصال، والتركي تعهد بحماية ودعم التنظيمات والمجموعات الإرهابية المتواجدة في إدلب ومحيطها (جبهة النصرة وأخواتها) والتي تحارب معه ضد الميليشيات الإرهابية الكردية المدعومة أميركياً، ليس هذا فحسب بل قام النظام التركي بإدارة ظهره للأميركي عندما انتقل الى الحضن الروسي بشكل معلن وهذا تجسد واضحا من خلال صفقة( الإس 400 ).
ضمن هذا السياق تبدو عودة النظام التركي إلى لغة التهديد والتصعيد حالة من الاستعراض أكثر مما هي تعبير عن الامتعاض والغضب، وهي بكافة الأحوال تصب في خانة تبادل وتوازع الأدوار بين الولايات المتحدة والنظام التركي بهدف قضم مزيدا من الوقت بانتظار حدوث شرخ حقيقي في الواقع المرتسم على الأرض.
بالمحصلة يمكننا القول إنه بعد مرور نحو شهرين على الإعلان عن الاتفاق الأميركي – التركي المزعوم على إنشاء «منطقة آمنة» في شمال شرق سورية، لم يحقق طرفا الاتفاق أي تقدم حقيقي في التنفيذ، المنجز الحقيقي للاتفاق هو تصاعد حدة الخلافات وتظهيرها للعلن والحفاظ عليها ضمن حدود التصعيد والتهديد الكلامي الذي يبرع فيه أردوغان والذي لطالما هدد وتوعد دون القيام بأي شيء على الأرض، متذرعاً بأنه يريد منح واشنطن مزيداً من الوقت لاختبار جدّيتها، وعلى طول الفترة القليلة الماضية، لم تغب المواقف والتصريحات التركية شبه اليومية التي عبّرت عن هذه المخاتلة، والتي كان رئيس النظام التركي بطلها ونجمها بامتياز.

فؤاد الوادي
التاريخ: الجمعة 4-10-2019
الرقم: 17090

 

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين