يخرج صديقي بين الفينة والأخرى إلى مكان المشروع الذي فيه شقة المستقبل وجنى العمر.. يقف على أطلالها مستذكراً فحول الشعراء في العصور الغابرة.. ويعود أدراجه إلى شقته المتواضعة في إحدى مناطق السكن العشوائي.
منذ عقود من الزمن وصديقي مسجل على شقة في إحدى الجمعيات السكنية.. همس في أذني ذات يوم وقال: أنا متفائل يا صديقي.. اتكلت على الله واستأجرت شقة في منطقة سكن عشوائي يلتهم إيجارها معظم راتبي الشهري.. وأنا على جمر انتظار استلام الشقة.. وعلى وعود أحبائنا في الجمعية وكلمات وألحان (حبيبي لما يوعدني) و(أوعدك).. و(نطرونا كتير).. أنتظر الوعد.
يقولون لي مشكلات الإنجاز تعطل تسليم الشقق.. نريد المزيد من الدفعات.. وحبذا لو تكون كبيرة لنسرع في الإنجاز وتسليمكم الشقق.. ويتم ترحيلنا إلى نفق الانتظار.. وصديقي يقول لي: أنا وأمثالي (أبطال من هذا الزمان) في الصبر والانتظار.. والتفاؤل أيضاً.. أنا متفائل وأنتظر.
أستغرب كلمة (متفائل) التي تجري على لسانه أثناء حديثه عن (حلمه السكني).. قلت له هل أنت متفائل بأن قطاع التعاون السكني وشركات التطوير العقاري ستخرج من سباتها وتمحو بعض مظاهر فساد تعرقل تطوير حلم المواطنين.
هل أنت متفائل بأن جمعيتك ستقدم لك بعد طول انتظار السكن بجودة عالية.. وبعد صيامك الطويل في السكن العشوائي ستفطر على شقة دسمة ومدللة وبنت عالم وناس وطابو (أخضر) مع أنني أكره (الأخضر) الذي يتلاعب باقتصادنا.. هل أنت متفائل من اضمحلال وزوال وتلاشي من قاموا بنهب مدخرات المواطنين وجيوبهم وحركوا جيوبهم بها.. وأوقفوا أو أخروا تسليم السكن لمستحقيه.
أنت متفائل يا صديقي.. وضِّح لي إصرارك على التفاؤل والمعنى الذي في قلبك.. هزَّ صديقي مفاتيح بيته المستأجر بدراهمه المعدودة ولوَّح بها في الهواء وقال لي.. متفائل أن يسكن ولدي الصغير في الشقة.. أليس هذا قمة التفاؤل..!!!
منهل ابراهيم
التاريخ: الخميس 17-10-2019
الرقم: 17100