لقد حاول المحافظون الجدد في واشنطن تحويل سورية إلى مكان غير آمن، ففر اللاجئون من الارهاب الى دول الجوار كلبنان والدول الأوروبية
في الوقت نفسه ، هناك أكثر من 6.5 ملايين سوري من اللاجئين الداخليين، الذين فروا من مدنهم وبلداتهم بسبب الحرب عدا عن مليارات الأسلحة والتدريب اللذين قدمتهما واشنطن وحلفاؤها في الخليج للميليشيات المسلحة العنيفة.
وبسبب هذه المليارات من المساعدات المقدمة للميليشيات المسلحة ، تأثر الاقتصاد السوري وبات في المدن والقرى التي دخلها الارهابيون حالات لنقص في التغذية ونقص في مياه الصالحة للشرب ونقص اللوازم الطبية والأدوية.
فما هو هدف واشنطن بالضبط ؟
حسناً.. لتتغير الحكومة السورية لأسباب لا تتعلق بكونها تشكل أي تهديد للأمن القومي الأميركي على الإطلاق.
على النقيض من ذلك فإن نظام الحكم العلماني في سورية كان بمثابة عائق لنشر الفكر التكفيري حيث حكمت سورية في ظل سياسة علمانية مبنية على التسامح والتعايش العرقي والديني التي غطت الجغرافيا السورية كاملة.
إذاً خطيئة الحكومة السورية الحقيقية بالنسبة لواشنطن أنها حليفة لإيران، حيث أن تهديد إيران الزائف هو الذي أبقى نتنياهو في السلطة وكذلك تدخل مجموعات الصناعات العسكرية الأميركية في الميزانية.
ووفقاً لذلك، تعثرت واشنطن في تغيير الحكومة وانتهى بها الأمر بتسليح عدوين مريرين كحلفاء لها في المعركة ضد تنظيم داعش الذي كانت واشنطن نفسها سبب إقامته عندما دمرت العراق ومن ثم تركته في حالة تمزق.
في الواقع، قام السناتور جون ماكين شخصياً بتجنيد ما يسمى (الجيش الحر) وتنظيمه وتمويله ورعايته للمساعدة في تغيير الحكومة السورية وتحقيقاً لهذه الغاية، قام ماكين وفصائله التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) بتدريب الجيش الحر – الذي يتألف من المتشددين، والذين تعاطف العديد منهم مع المتطرفين – في معسكرات في تركيا لغرض مزعوم هو محاربة تنظيم داعش الذي غزا شمال شرق سورية.
لكن المعركة بين (الجيش الحر) الذي ترعاه أميركا وتنظيم داعش الذي أنشأته بنفسها سرعان ما امتدت إلى المجتمعات القاطنة في المناطق على طول الحدود السورية التركية شرق نهر الفرات.
وغني عن القول إنه عندما خرجت أراضي الشمال الشرقي عن سيطرة الدولة السورية بسبب ميليشيات مسلحة تمولها واشنطن والسعودية وقطر – ارتمى هؤلاء اليائسون، الذين أصبحوا أضراراً جانبية، في حضن واشنطن بحثاً عن السلاح والتدريب و المال، الذي كان يتدفق بالمليارات بزعم تسليحهم للدفاع عن أنفسهم من وباء تنظيم داعش الذي ولدته واشنطن من حطام العراق والمخازن الضخمة للأسلحة الأميركية التي خلفها.
وهكذا، بعد استيلاء داعش عام 2014 على الموصل في العراق وإنشاء تنظيم داعش في الرقة (السورية)، قامت واشنطن بتسليح ثلاث قوى مختلفة – تنظيم داعش، ميليشيات الجيش الحر وميليشيا قسد في شمال سورية: كان الجميع متحيزين ضد الحكومة في دمشق – حتى عندما كانوا يتقاتلون في بعض الأحيان، وأحياناً أخرى أقاموا تحالفات تكتيكية وقاموا مراراً ببيع الأسلحة المزودة من واشنطن والسعودية والتي كانت وفيرة في المنطقة.
بطبيعة الحال، لم يكن عناصر ومرتزقة الجيش الحر من سورية وحسب بل من العديد من الدول، وهم اليوم مع (حليفهم) التركي في الناتو يهددون بإبادة (حلفاء) واشنطن من ميليشيا قسد.
بعد كل هذه التطورات، يبدو أخيراً أن الدولة السورية ستتمكن من استعادة سيطرتها على كامل أراضيها بما فيها شمال شرق الفرات، وبذلك يكون الغرض الكامل من الحرب على سورية والمدعومة من واشنطن بلا معنى، بل إن ما تحقق هو بمثابة كارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية.
ومن جهة أخرى، إن المبدأ الكامل لحلف الناتو على وشك أن يهتز بصراع مجنون من صنع واشنطن.
نحن نشير إلى المادة الخامسة والمتعلقة بالدفاع المشترك حسب معاهدة الناتو والتي تنص على أن الهجوم على حليف واحد يعتبر هجوماً على جميع الحلفاء، لذلك لو استندت تركيا إلى المادة الخامسة، لكانت واشنطن ملزمة بالانضمام إلى (حلفائها) الأتراك و ميليشيا (الجيش السوري الحر) في مهاجمة (حلفائها) قسد ؛ وكذلك لو استندت واشنطن إلى المادة الخامسة – من المفترض أن تركيا كانت ستضطر إلى شن الحرب على نفسها!
وغني عن القول إنه إذا نجح بوتين في ترتيب تسوية، فإنه سيمنع الناتو من مهاجمة نفسه!
وربما يعيد ما حدث للأذهان أن الناتو لا فائدة ترجى منه منذ اختفاء الاتحاد السوفييتي من على وجه الأرض منذ أكثر من 28 عاماً.
وكما أوضحنا في مؤتمر رون بول الأخير، فقد حان وقت القتل الرحيم لمنظمة حلف شمال الأطلسي، ولعل نداء الإيقاظ المنطلق من شرق الفرات يفسر أسباب ذلك.
عن موقع أنتي وور الأميركي
ترجمة: أمل سليمان معروف
التاريخ: الاثنين 21-10-2019
الرقم: 17103