كل ما يصدر من مواقف وتصريحات عن حكام البيت الأبيض، يؤكد أن السياسة الأميركية إزاء تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية في سورية لا تزال حائرة، و يسودها كثير من الارتباك والتخبط، وما جملة التهديدات الاستفزازية التي أطلقها دونالد ترامب ومن بعده البنتاغون والتحريض على عمليات القرصنة وسرقة النفط السوري، ثم استغلال اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، لتمرير أجندات فاشلة أصلاً، من خلال اللعب على المصطلحات وغيرها، إلا محاولات لذر الرماد في العيون، وتحييد الأنظار عن سيناريو جديد، يرغب ترامب من خلاله مواصلة هواية اللصوصية، بعد الاتكاء على أعوانه وأتباعه كالعادة.
رعاة الإرهاب وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لم يدخروا وسيلة إلا واستخدموها في حربهم القذرة على سورية، ومازالوا يتجاهلون معنى التزام الأطراف الساعية لحل الأزمة بسيادة البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وضرورة استمرار مكافحة الإرهاب فيها، حتى القضاء على آخر مرتزق، وتراهم يغردون خارج السرب دائماً، لرغبتهم في إعادة الأوضاع إلى المربع الأول، والتعامي عن التئام اجتماعات جنيف التي بدأت بالتركيز على رفض أي مشاريع التقسيم والأجندات الانفصالية الهادفة لتقويض وحدة الأراضي السورية وسلامتها.
فالأطراف الراغبة بإيجاد حل سياسي يخلّص السوريين من الحرب، وينهي معاناتهم وآلامهم تعمل جاهدة لأن تكون أي اجتماعات أو لقاءات بعيدة عن أي تدخل خارجي يتخلله فرض جداول ومواعيد زمنية أو إملاءات، في الوقت الذي نجد فيه أميركا ومن يتلطى تحت عباءتها يفعلون العكس، لظنهم أنهم سيكونون قادرين على تدارك هزيمتهم، وتحصيل ما عجزوا عن فعله خلال سنوات الحرب المنصرمة، لكن حساباتهم تخطئ كالعادة وها هو الجيش العربي السوري يواصل انتصاراته وانتشاره في المناطق التي ظن الإرهابيون أنهم باقون فيها أبد الدهر.
ترامب المرتبك في سياساته، والذي يواجه جلسات التحقيق، ومذكرات استدعاء و إجراءات العزل داخل أروقة الكونغرس، يريد اليوم تلميع صورته المشوهة، من خلال رشوة مواطنيه، وإيهامهم بأن كل ما يفعله خدمة لمصلحة الأميركيين، سواء بالحديث عما يسمى حماية آبار النفط، وفي الحقيقة سرقتها، أو من خلال زعمه قتل الإرهابي أبو بكر البغدادي، وفي الحقيقة نقله وحمايته وإخفائه لانتهاء دوره في هذه المرحلة، متناسياً أن مرحلة ثانية بانتظاره سوف تشهد تقديم الأدلة ضده إلى اللجان القضائية المختصة لتحديد الاتهامات التي ستوجه له، عندها سيكون كل ما يفعله هروب للأمام ليس إلا، والسياسات الخاطئة التي يمضي فيها، وعلاقاته المشبوهة مع داعمي الإرهاب وتوتيره الأوضاع في الشرق الأوسط سوف تنعكس سلباً عليه أولاً.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 1 – 11-2019
رقم العدد : 17112