الأشباح وحدها من كانت تتجول أمس في المستوطنات الإسرائيلية التي تحاذي قطاع غزة، وعلى طول 80 كيلو متراً، أكثر من 5 ملايين مستوطن قضوا ليلهم ونهارهم كالجرذان تحت الأرض وقد اجتاحهم الهلع والخوف والهستيريا، ومن لم يسقط منهم بصواريخ المقاومة، سقط بالفزع والجزع حتى أن المستشفيات الإسرائيلية غصت بالمصابين بحالات الرعب والذعر من رد المقاومة الفلسطينية.. هل هؤلاء من يراهن عليهم الكيان الصهيوني لاجتياح القطاع وضرب المقاومة ؟!.
إذاً.. بالضربة القاضية سقط نتنياهو، وهو الذي كان يطمح بالعودة إلى المشهد الإسرائيلي من بوابة البطل والحامي لأمن الكيان الصهيوني، فإذا به يسقط مع أول صاروخ تطلقه المقاومة التي حولت مدن الكيان الصهيوني إلى مدن أشباح، فيما عاش نتنياهو ليلته وسط عاصفة من الانتقادات وردود الفعل الغاضبة على اغتيال واستهداف مقاومين فلسطينيين، حتى إن وسائل إعلام الكيان الصهيوني استهزأت بقرار نتنياهو مخاطبة إياه:( إذا كان الثمن الذي تدفعه إسرائيل مقابل اغتيال مقاوم فلسطيني بهذا الحجم وهذه الكارثية فكيف إذا تعدى الأمر ذلك فماذا سيكون الثمن؟).
الأهداف الإسرائيلية كانت واضحة من التصعيد في غزة وعلى رأسها رفع نتنياهو إلى كرسي الحكومة مجدداً وإذابة ملفات وقضايا الفساد والقضاء التي تلاحق الأخير، وهذا لن يكون إلا بنقل الصراع الإسرائيلي الداخلي إلى صراع خارجي يتوحد فيه الكيان الصهيوني تحت راية القضاء على الخطر الذي يهدد إسرائيل، حيث يصبح نتنياهو أقرب إلى فرض حكومة طوارئ تكون له رافعة للعودة إلى المشهد السياسي، ناهيك عن أن هذا التصعيد الخطير ضد الفلسطينيين يهدف بالدرجة الأولى إلى قصم ظهر المقاومة واستعادة قدرة الردع التي هددتها المقاومة الفلسطينية أكثر من مرة خلال المرحلة الماضية، وكان آخرها استهداف نتنياهو في أيلول الماضي بصواريخ المقاومة عندما كان يخطب على منصة انتخابية، وهذا الأمر لا يحقق أي استعادة لقوة الردع الإسرائيلية إلا بتغيير قواعد الاشتباك التي فرضتها فصائل المقاومة، وتحديداً فيما يتعلق بمعادلة القصف بالقصف، والرد بالمثل.
ناهيك عن أن السبب الضاغط وراء هذا التصعيد الإسرائيلي هو خلط الأوراق لقطع الطريق على محاولات الوحدة الوطنية في الداخل الفلسطيني، فإذا بالأمر يؤت بمفاعيل عكسية على الكيان الصهيوني لجهة توحد الفلسطينيين تحت راية الدفاع عن المقاومة الفلسطينية وتشكيل غرفة موحدة لعمليات المقاومة لردع إسرائيل من تغيير قواعد الاشتباك أو حتى العبث فيها.
وفيما يبدو أنه تغيير لقواعد الرد، بدأت المقاومة الفلسطينية بالرد على التصعيد الإسرائيلي على قاعدة (الحساب المفتوح ) الذي يترك إسرائيل تحت رحمة الخوف والهلع، حيث قامت فصائل المقاومة بإمطار الكيان الصهيوني بمئات الصواريخ التي توزعت على المستوطنات التي تحيط بغزة وصولاً إلى ضواحي تل أبيب، أي من شعاع 40 كم إلى شعاع 60 كم مع استهداف مركّز بالهاون لنقاط تجمع جنود العدو الإسرائيلي على الحدود وكذلك (غلاف غزة)، وبينما تبنت إسرائيل فكرة أن تمتص المقاومة الاغتيال على أنه (تصفية حساب) أو (عملية منفردة) دون خطوات لاحقة، ترفض الفصائل هذه المعادلة، وتوضح مصادر مسؤولة أن (الضوء الأخضر) أُعطي للأجنحة العسكرية لتقدير الموقف الميداني والرد بناءً على خطط وسيناريوهات سبق أن اتّفق عليها بينها، خاصة أن الحد الأدنى المتفاهم عليه هو أن عدم الرد يعني كسر العدو للمعادلة التي رسختها الفصائل، وفتح الباب على اغتيالات لاحقة ستطال الفصائل كافة.
من خارج الحدث ، تبدو الدوافع الإسرائيلية للتصعيد حاضرة بقوة في الإستراتيجية الإسرائيلية بهدف تغيير قواعد الاشتباك التي رسختها دمشق وحلفاؤها – محور المقاومة- في الميدان السوري، ما يعطي هذا التصعيد الإسرائيلي وفي هذا التوقيت تحديداً بعداً إقليمياً ، لجهة توسيع دائرة المواجهة والاستهداف مع كل محور المقاومة بما في ذلك المستجد اليمني الذي دخل على خط المواجهة مع الكيان الصهيوني.
فؤاد الوادي
التاريخ: الخميس 14 – 11-2019
رقم العدد : 17122