الملحق الثقافي:سلام الفاضل :
كان الأستاذ سعيد الأفغاني أستاذاً جليلاً، عُرف بعلمه وفضله، ودرّس مادتي النحو والأدب في جامعة دمشق. ويعدّ الأفغاني أحد مؤسسي قسم اللغة العربية في هذه الجامعة، وأحد رؤساء هذا القسم عبر تاريخه الطويل، أنجب وربى عدداً كبيراً من الطلبة الذين ما يزالوان يثرون الحياة الثقافية والتعليمية بما نهلوا من هذا الأستاذ الكبير.
وكتاب (سعيد الأفغاني… حامل لواء العربية وأستاذها)، إعداد وتوثيق: د. إسماعيل مروة، ونزيه الخوري، الصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يعرض في ثناياه وقائع ندوة الأربعاء الثقافية التي تصدت للحديث عن هذا العَلَم الكبير، لما له من دور وأثر مهمين في الحياة التعليمية والثقافية، ولأنه عضو في مجمع اللغة العربية في القاهرة، وكان موضع احتفاء بين أقرانه، وبين الذين عاصروه وعايشوه.
لمحات من حياته
تحدث د. مازن المبارك في مداخلته عن سعيد الأفغاني؛ فابتدأ التعريف به مبيناً أن والد سعيد الأفغاني هاجر من كشمير وهو في العشرين من عمره، ونزل في دمشق، واشتغل في حي البزورية، وسكن في أحد أحياء دمشق.
ولد سعيد الأفغاني عام 1909، وقام والده وهو الرجل المتدين الصالح، بتربية سعيد وشقيقته بعد وفاة والدتهما، في بيئة شامية إسلامية، في أحياء البزورية والنوفرة والقيميرية والعمارة. في هذه البيئة نشأ الطفل محمد سعيد الأفغاني، وتفتحت عيناه على الكتاتيب المنتشرة في تلك الأحياء، وعلى ما كان يشاهد في الجامع الأموي من دروس لا تنقطع طوال النهار.
دخل مدرسة التطبيقات حيث أتم دراسته الابتدائية، ليتابع لاحقاً دراسته الإعدادية والثانوية في مدرسة التجهيز ودار المعلمين.
عُين الأفغاني في عام 1928 معلماً في مدرسة «منين» الابتدائية، لينتقل بعد ذلك بين العديد من المدارس، وحينما أنشئت كلية الآداب في الجامعة السورية عُين الأفغاني أستاذاً مساعداً فيها.
أرسل الأفغاني في عام 1946 إلى القاهرة للتحضير لدرجة الدكتوراه، ولكنه لم يتابع العمل في هذا المشروع، وعاد إلى دمشق منقطعاً لتدريس اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة دمشق، وتدرج في وظائفها، حتى أحيل على التقاعد بتاريخ 31/12/1968.
كلف بالقيام بدروس التطبيقات العلمية في المعهد العالي للمعلمين لسنوات عدة، كما دعته الجامعة اللبنانية أستاذاً محاضراً، وتعاقد مع الجامعة الليبية في بنغازي، وعمل أستاذاً في جامعة الملك سعود في الرياض، حيث بقي يدرس فيها حتى بلغ الخامسة والسبعين من عمره.
توفي الأستاذ سعيد الأفغاني في 18 شباط عام 1997.
الدرس النحوي
تناول د. إبراهيم محمد عبد الله في مداخلته رأي الأستاذ الأفغاني في الاحتجاج بالقراءة القرآنية في البحث النحوي، والذي يظهر في العلاقة بين القراءة القرآنية والقاعدة النحوية، وهل نخضع القاعدة النحوية إلى القراءة القرآنية في الاحتجاج النحوي، أم نخضع القراءة القرآنية للقاعدة النحوية فيه؟
وبيّن د. إبراهيم عبد الله أن موقف الأستاذ الأفغاني يظهر من هذا الأمر في أن ينظر النحاة في قواعدهم ومقاييسهم، فما وافق منها القراءات المتواترة والصحيحة والشاذة أبقوه على ما هو عليه، وما خالفها فعليهم أن يبادروا إلى تصحيحه وضبطه على هدي هذه القراءات، ويتطلبوا له وجهاً إذا كانت القراءة شاذة، ويستأنسوا في ذلك بما ورد من كلام العرب.
عصارة فكر
وقدم البحث الثالث في هذه الندوة الأستاذ حسن مروة الذي كان له شرف العناية بكتاب «عصارة فكر» (مقالات ودراسات الأستاذ سعيد الأفغاني) التي نشرها في الصحف والدوريات والمجلات، وبعضها لم يُنشر مطلقاً. وقد قام الأستاذ حسن مروة بجمعها وترتيبها وتحقيقها ونشرها في مجلد ضخم، ويضم هذا المجلد جملة آراء سعيد الأفغاني الأدبية والنحوية واللغوية، بل والاجتماعية والحياتية أيضاً.
ختم الكتاب بمجموعة من المختارات للأستاذ الأفغاني من كتاب (عصارة فكر) من الممكن أن تقدم للقارئ فكرة عن هذا الأستاذ الجليل.
التاريخ: الثلاثاء19-11-2019
رقم العدد : 974