تركة أميركا العفنة

 

 لم تمر الولايات المتحدة الأميركية بمكان إلا وتركت به الدمار والخراب، ولم تقم علاقة مع حكومة أو تنظيم أو شخص إلا وانقلبت عليه وتركته يواجه أسوأ الأحوال بعد امتصاص خيراته والاستفادة من جميع مقوماته، الأمر الذي يؤكد النظرية الوطنية السورية بأن تكلفة معاداة الولايات المتحدة الأميركية مهما عظمت تبقى أقل بكثير من حجم الخسائر الناجمة عن صداقتها والتوافق معها وتأييد سياساتها.
ولم تكن الولايات المتحدة الاميركية في أي يوم من الأيام حكماً أو وسيطاً نزيهاً بما يعكس مكانتها كدولة عظمى تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن الدولي ، فقد سجلت عبر تاريخها الاستعماري والعدواني سلسلة من المواقف الخارجة عن القانون الدولي والمتنكرة للأعراف والمواثيق مستخدمة أكثر الأسلحة فتكاً ومنفذة أبشع الجرائم وموظفة أسوأ الخارجين عن القانون في تنفيذ سياساتها .
ومهما حاولنا رصد وتتبع آثار تلك السياسات التخريبية لضاقت السجلات عن الإحاطة بجميع الممارسات العدوانية، وإن كانت السياسة الأميركية تتخذ شكل الدعم والتأييد، فإن الأمر لا يلبث أن يتكشف عن الجوهر الاستعلائي والعدواني القادر على التنكر لجميع الوعود والتعهدات، وإن اختلف شكل التصرفات الرئاسية، فإنها تتركز في المحصلة النهائية بشخصية الرئيس دونالد ترامب الذي كشف الوجه الأشد قبحاً في التعامل مع الحلفاء.
لقد خبرت سورية بعمق هذه السياسة وفلسفتها فتعاملت معها من موقع الواثق من قراراته وتصرفاته، فلم تخضع أو تهن أو تضعف أمام تهديد أو تحد في أي وقت من الأوقات ، وحتى في أسوأ الظروف العدوانية كانت القدرة على المواجهة في أعلى مستوياتها، وقد برهنت تلك المواجهات أن القوة الاميركية الغاشمة تتناثر سدى في سماء سورية، ولعل ليلة الصواريخ في نيسان من عام ٢٠١٨ قدمت للعالم الدليل الأكبر أن الإرادة الأميركية تحطمت ولم تقو الصواريخ المنطلقة من البوارج الأميركية على كسر الإرادة السورية ، على الرغم من الدعم والإسناد العدواني من جانب كل من بريطانيا وفرنسا، فسقطت مشاريعهم ، وهي دون أدنى شك ستسقط بشكل اكثر وضوحاً في قادمات الأيام.
أمام هذه العلاقة المحكومة بالتأزم يفهم العالم جنون إدارة ترامب أمام حالة الصمود السورية وعدم السماح لواشنطن بتنفيذ مخططاتها عبر عملائها في الميدان أو في مضمار السياسة والدبلوماسية، فعجزها عن تحقيق أهدافها بالأساليب العسكرية والإرهابية يدفعها للاعتقاد أنها قادرة على تحقيقها عبر الدبلوماسية، هذا الأسلوب الذي تتخذه واشنطن أسلوباً للضغط والكذب، في الوقت الذي ترى فيه سورية واحداً من الأساليب الصادقة في حال توافر النيات الطيبة وأهمها الإيمان بوحدة الوطن وسيادته ورفض الوصاية أو التدخل الخارجي ، وهو ما يبقي الدولة السورية في أقوى حالاتها ، ويضعف جميع المعتدين وأدواتهم ويهزمهم.

مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 2-12-2019
الرقم: 17136

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها