صدر وأفهم علناً

كل يغني على ليلاه.. حتى رجال المال والأعمال والصناعيون ومواقع التواصل الاجتماعي «بعضهم طبعاً لا كلهم» يغنون هم أيضاً على إيقاع سيمفونيتهم المادية التي تتغير وتتبدل تبعاً لكل تحرك مضاد لمصالحهم الشخصية الضيقة، معتمدين في ذلك على درجة وقوة الصرخات التي يطلقونها في وجه كل تحرك لمكافحة ظاهرة التهريب وتجفيف منابعه الآسنة الملوثة بكل ما هو غير قانوني وشرعي وصحي واقتصادي.
فتارة تراهم يستجدون عدم الدخول إلى مراكز المدن وأسواقها التجارية، وتارة أخرى يذرفون دموع التماسيح لكون المستهدف «حسب زعمهم» من الحملات التي تقودها المديرية العامة للجمارك هم تجار نصف الجملة والمفرق والمحال والدكاكين والأكشاك، وتارات يتهكمون على حجم المصادرات، وطريقة ضبط المهربات التي يرغبون في جعلها مسبوقة بدعوة رسمية لا فجائية إلى الأهداف المحددة التي تتكدس بداخلها وبشكل مخفي آلاف القطع ومئات الأطنان من المواد المهربة التي تعادل قيمتها وغرامتها عشرات لا مئات الملايين من الليرات، كل ذلك من أجل ألا يدفعوا للدولة رسومها التي يتقاسمها المهرب والمهرب إليه.
أما البعض الآخر فيذهبون إلى أبعد من ذلك عندما يطالبون بضرب كبار المهربين فقط من دون أن يأتوا لا تلميحاً ولا تصريحاً على الصغار والمتوسطين منهم، وكأن معالجة هذا الملف الاقتصادي والأمني المهم والحساس جداً سيعالج من جذوره بمجرد استهداف شريحة دون أخرى، أو منطقة دون سواها، أو مادة بعينها.
في حين أن جميعنا يعلم كم زبائن هؤلاء المهربين الذين يبرمون صفقاتهم المشبوهة عن سبق إصرار وتصميم مع المخربين لاقتصادنا وتجارتنا وصناعتنا ومنتجنا الوطني، وأمننا الغذائي والاجتماعي والصحي، إن المهربين مجموعات لكل منهم صولتها وجولتها التهريبية الخاصة «مجموعة للأقمشة ـ مجموعة للمواد الغذائية ـ مجموعة للألبسة ـ مجموعة لقطع الغيار والإلكترونيات ..»، ولكل منها تسعيرتها المحددة، وعليه تتم عملية التعاقد التي يغلب عليها طابع السرية المطلقة والمحكمة.
بعد كل هذا وذاك يأتيك من يرتدي ثوب الحداد ويقف على الأطلال للنواح والبكاء على بضاعته المصادرة وتجارته ومصالحه التي تضررت بيده لا بيد أحد سواه، من دون أن يأتي أي منهم على حجم الخسائر الكبيرة والأضرار التي لا تعد ولا تحصى التي تتعرض لها خزينتنا العامة من استنزاف وهدر كبير للمال العام الذي يتم رصده كما كل الواردات للصالح والشأن العام.
وباعتبار أن خير الكلام ما قل ودل، فإننا نؤكد لمن لم يقتنع بعد بأن زيوان البلد أفضل من الحنطة جلب، وأن قرار الدولة بتجفيف منابع التهريب صدر وأفهم علناً.

عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 9-12-2019
الرقم: 17141

 

آخر الأخبار
بين إدارة الموارد المائية والري "الذكي".. ماذا عن "حصاد المياه" وتغيير المحاصيل؟ شراكة صناعية - نرويجية لتأهيل الشباب ودعم فرص العمل تطوير المناهج التربوية ضرورة نحو مستقبل تعليميٍّ مستدام لجنة التحقيق في أحداث الساحل تباشر عملها بمحاكمات علنية أمام الجمهور ٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة