صراعُ الموزِ والبرتقال

لا يقتنع البعض بتلك القصة التي تُنسجُ سنوياً في هذه الأيام، والتي تحكي عن عداء مُستحكم، وصراعٍ مُحتدم بين الموز والبرتقال، إذ لا يكفّ الكثير من الفلاحين ومنتجي الحمضيات، عن التأكيد بل والصراخ بأن شحنات الموز التي تدخل البلاد في هذه الأوقات من كل عام، تضرب إنتاج الحمضيات بالكامل، وحتى أنهم يُطلقون التّهم على تجار الموز بأنهم يتقصّدون إفشال تسويق الحمضيات وضرب موسمه، ذلك لأنهم يتعمّدون إدخال كمياتٍ كبيرة تسهم بزيادة العرض، وبالتالي انخفاض أسعار الموز إلى حدود كبيرة، ما يدفع المستهلكين للتخلّي عن البرتقال والليمون، وتفضيل شراء الموز..!
المعادلة لا تبدو منسجمة، فما علاقة الموز بالبرتقال..؟! المنافسة لا تكون عادةً بين نوعين متغايرين، ومن صنفين مختلفين، المنافسة على كسب المستهلك تكون على صنفٍ واحد تبعاً للسعر والجودة، فإذا أردتُ أن أشتري قميصاً – مثلاً – فإنني أحسم خياراتي أمام جملة ما هو معروض من القمصان، ولا علاقة لأسعار البنطلون – إن كانت منخفضة – أن تؤثر على قرار شراء القميص من عدمه، فهذا شيء – كما هو بديهي وواضح – وذاك شيء آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للموز والبرتقال، فالذي يريد أن يشتري البرتقال، لا يعنيه الموز بشيء سواء ارتفع سعره أم انخفض، ثم لماذا لا يكون الأمر معكوساً..؟ أي أنّ تدفّق الحمضيات بكميات كبيرة أثناء الموسم، وانخفاض سعرها أمام زيادة العرض، يسهم بالإعراض عن شراء الموز، والاكتفاء بالبرتقال، وبالتالي زيادة عرض الموز أيضاً وانخفاض سعره..! لكن المعادلة هنا لا تستقيم هكذا أيضاً، فالحكاية حكاية عرضٍ زائد من الصنفين على الأرجح، دون أن ينعكس أي صنفٍ على الآخر.
على كل حال لنفترض جدلاً أنّ الموز يؤثّر فعلياً على البرتقال ويُخفّض أسعاره، فليت الجهات الحكومية المختصّة تستمع لهذا الاحتجاج من منتجي الحمضيات، وتقتنع معهم ولو لمرة واحدة بوقف ومنع استيراد الموز في هذه الفترة من السنة، لنرى بعدها ميدانياً وعلى الأرض ما الذي سيحصل..؟ فهل سيتم وقتها تسويق الحمضيات جيداً وعلى أكمل وجه..؟ أم إننا سنبقى في الدوّامة ذاتها..؟ وبناء على ما يحصل يمكن اتخاذ القرار الصحيح، ونُنهي الجدل الدائر حول هذه المعادلة الشاذة التي يؤمن بها الكثيرون فعلاً، وينبذها القليلون، وينتهي هذا الصراع المفترض بين الموز والبرتقال.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 16-12-2019
الرقم: 17147

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز