يقول دانييل لاريسون إن أحد التبريرات المزيفة الجديدة التي قدمتها الإدارة الأميركية للتغطية على فعلتها الشنيعة باغتيال الفريق قاسم سليماني، هي اختلاق المزيد من الذرائع الواهية لايهام المجتمع الدولي وتضليله عن السبب الحقيقي لاغتيال قامة كبيرة بحجم الفريق سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والولايات المتحدة أصبحت كمن يكذب الكذبة ويصدقها وهي بأن هناك تهديدا لإحدى سفاراتها من قبل الحرس الثوري الإيراني لتسول لنفسها اغتيال الجنرال سليماني.
ويقول دانييل لاريسون إن النائب الأميركي جوستين أماش لاحظ أن ترامب والبنتاغون خدعوا الشعب الأميركي والعالم بما فيه الكفاية وهم لم يقدموا أي دليل إلى الكونغرس حول ادعائهم بأن هناك هجوما وشيكا ومحتملا على إحدى السفارات الأميركية من قبل إيران. ورغم ذلك تستمر هذه الإدارة الفاشلة التي يقودها ترامب في تغير أقوالها باستمرار حول عملية الاغتيال وكيف تمت لأنه لا يوجد لديهم أي مبررات مقنعة لما فعلوه.
يخترع ترامب دائما أعذارًا جديدة لاغتياله غير القانوني وغير الأخلاقي للجنرال سليماني، ويشعر مرؤوسوه بأنهم ملزمون باتباع خطواته لأنهم متورطون في قراره. والأمر الغريب هو أن هذه الإدارة ما زالت تتوقع من الشعب الأميركي ومن الكونغرس أن يصدقها بالرغم من كذبها المستمر أمام الكونغرس والجمهور في الأمور والقضايا التي تتعلق بأمن أميركا.
لقد فقد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو مصداقيتهما أمام الشعب الأميركي منذ فترة طويلة، ويقول الكاتب دعونا نسترجع الأحداث التي سبقت الاغتيال وهو أن بومبيو تحدث أولاً مع ترامب حول اغتيال الفريق قاسم سليماني منذ أشهر. وأن بومبيو كان قوة دافعة وراء قرار ترامب باغتيال الجنرال سليماني. ويجب التذكير دائما أن بومبيو كان مدير وكالة الاستخبارات المركزية التابعة لترامب قبل أن ينتقل إلى وزارة الخارجية، حيث اعتبر بومبيو الجنرال سليماني العقل الذي يخيف الولايات المتحدة ويرعبها.
ويقال إن بومبيو أخبر أصدقاءه ذات مرة وقال لهم إنه لن يتقاعد من الخدمة العامة حتى يتم اغتيال الفريق سليماني. ومع ذلك يقول الكاتب، ينبغي ألا يغيب عن بالنا حقيقة أن هذا الاغتيال هو الحدث الأهم في سلسلة أحداث طائشة ومتهورة قامت بها الولايات المتحدة ضد إيران. والمشكلة الأكبر التي يلفت انتباهنا إليها يقول لاريسون هي النزعة العسكرية التي تسود الطبقة السياسية الأميركية – حيث إن الاقتناع بأن تجميع القوة العسكرية واستخدامها يعبر عن جوهر ما يسمى القيادة العالمية الأميركية.
هذه الفكرة خاطئة وكانت مصدر ضرر لا نهاية له على أميركا والعالم. هذا ويدرس الكونغرس اتخاذ تدابير من شأنها تقييد ترامب من أي استخدام آخر للقوة التي تستهدف إيران، على أمل تجنب حرب شاملة. أما كلام بومبيو بأن اغتيال سليماني جزء من استراتيجية أكبر لردع إيران يقول لاريسون إن هذا الاغتيال يعد أكبر خطأ استراتيجي.
وتعد تصريحات بومبيو، تحولًا في موقف الإدارة الأميركية الأمر الذي جعله أي بومبيو يقول: إن اغتيال سليماني جزء من استراتيجية جديدة لردع خصوم أميركا، ففي خطابه في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، ركز على ما سماه استراتيجية الإدارة لبناء ردع حقيقي ضد إيران بعد سياسات الجمهوريين والديمقراطيين السابقة مع إيران، ورفض الديمقراطيون والمشرعون الجمهوريون مبررات الإدارة الأميركية بأن الهجوم الذي تسبب باغتيال سليماني كان يهدف للدفاع عن النفس، وكان مدعوما بمعلومات استخباراتية لم يكشف عنها بشأن هجمات وشيكة. وكان الرئيس الأميركي قد قال إن الأهداف المحتملة للهجمات الإيرانية تشمل أربع سفارات أميركية. علما أن وزير الدفاع مارك إسبر قال: إنه لم يطلع على أي تحذير مسبق من الهجمات الوشيكة على السفارات، ما يفند كلام ترامب وبومبيو معا ويظهر للعالم زيف ادعاءاتهم.
The American Conservative
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الجمعة 17-1-2020
الرقم: 17171