ضرب الحنين إلى بردى أطنابه في كياني، ورحت أتذكر الشعراء الذين تغنوا بعذوبته وجماله… وقررت بعد حسابات مادية ومعنوية كثيرة الذهاب إلى (الربوة) لقضاء يوم في أحضان الطبيعة لكون (ربوتنا) رئة من رئات دمشق.. وأنا رئتيَّ صارتا سوداوين من الغم والهم وعوادم الحياة التي تشبه دخان السيارت التي تلوث الهواء.
افترشت الأرض بالقرب من ضفاف النهر في يوم مشمس بعد انحسار المنخفض.. وبعد أن شمل قرار إلغاء (المطاعم) من قائمة حساباتي مطاعم الربوة أيضاً.. وأحببت الاقتراب لإلقاء التحية على النهر.. فهمس في أذني باكياً شاكياً عن صحته التي تتدهور باستمرار.. فالمرض عبث برئتيه ولوثهما.. وراح يذكرني بأيام زمان حين كان شاباً يتدفق حيوية ونقاء.
ورغم عرضه (كمل قال لي) على كثير من الأطباء والكشف عليه بصور الأشعة التي أثبتت إصابته بمرض معدٍ لكل ما حوله من شجر وطير وبشر.. بقي النهر غارقاً في روائح كريهة يشكو من مرضه المزمن الذي (لم يحيّر الأطباء) فالعلة والدواء شديدي الوضوح..
قال لي بحرقة: أستحق عناية طبية خاصة وحمية وحماية من مخلفات المطاعم والمنشآت السياحية.. والأطباء المعالجون (الإدارة المحلية والبيئة) ومحافظتي يعدوني بشفاء عاجل من مرضي ورائحتي التي تحرمني بهجة الأصدقاء من حولي.. بـ (خطة طبية) مدعومة مالياً.
وهمس في أذني مجدداً وقال: فليعطوني (المبالغ) وأنا سأتوجه إلى طبيب (خاص) علّه يسرع في علاجي وشفائي… وأنا بدوري همست في أذن النهر العزيز على قلبي حتى لا تسمعني زوجتي وقلت له: سأكون أول المهنئين لك بالسلامة والشفاء.. وربما أدعو نفسي لأحد المطاعم (المتواضعة) بقربك.. ولو كلفني ذلك راتب شهر كامل..!!
منهل إبراهيم
التاريخ: الأربعاء 19 – 2 – 2020
رقم العدد : 17196