ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من المبادرات التي تسعى إلى مساعدة الشباب في الحصول على عمل مناسب لهم وتساهم في القضاء على البطالة لديهم وخاصة شريحة لا بأس بها من ذوي الشهداء أو الجرحى أو طلبة الجامعات والمعاهد, سواء كانوا خريجين أم مازالوا على مقاعد الدراسة، من خلال مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الذي نفذ خلال العام الماضي ثلاثة ملتقيات للتوظيف يستكملها اليوم من خلال ملتقى فرصة عمل الذي طرح أكثر من 250 فرصة عمل مهنية وإدارية وسياحية وأعمال طوعية ودورات تدريبية برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع الشركة العالمية للمعارض وغرفة صناعة دمشق.
نقطة بداية
اعتبر عدد من زوار الملتقى أن الخيارات المختلفة لفرص العمل المطروحة ضمن المعرض تجذب الكثير من الشباب وهي نقطة بداية وانطلاقة نحو العمل المناسب وفقا لآلية متطورة تتعلق بالعرض والطلب، فقد عبر محمد أحمد كش وهو طالب في كلية الإعلام عن ثقته وأمله في تأمين عمل من خلال المعرض وخاصة أن اختصاصه وخبرته في مجال التصميم والمونتاج مطلوبة جداً, وهناك عدة شركات واستثمارات ترغب في هذا المجال وقد تقدم إليها بكل أريحية.
وأشارت حنان طه خريجة قسم المكتبات بكلية الآداب إلى أنها قدمت سيرتها الذاتية لأكثر من جهة مشاركة بالملتقى، بينما أوضح محمد عمران طالب إدارة أعمال أن الملتقى يوفر فرص عمل للشباب قبل التخرج الأمر الذي يمكنهم من اكتساب الخبرة إلى جانب دراستهم الأكاديمية. ولفتت لين محمد طالبة هندسة معلوماتية إلى أنه تم أخذ الكثير من الموظفين بهذه الطريقة وعملية الانتقاء تكون تفاضلية بحسب الحاجة، بعد أن علمت بالملتقى عن طريق بعض الأصدقاء، وشعر عمر داوودي أيضا بالفرح لأن الكثير من الشركات أعجبت بالدورات التي خضع لها مبينا أن فكرة «وظفني» مبادرة جيدة لكل الشباب تساعد في تأمين الوظائف وليست مقيدة في نوعية الدراسة، فالشاب يستطيع أن يقوم بدورات ويكتسب خبرات في أي مجال ولا يبقى مقيدا بنوع الدراسة التي يدرسها في الجامعة، بينما شكرت سهى جنان سنة ثانية أدب عربي القائمين على هذا العمل والنشاط في ظل ظروف قلة فرص العمل، خاصة أنهم جمعوا شركات صناعية وعاملة في مكان واحد ما يسهل على الشباب انتقاء عمل يناسبهم حتى لو كان من خارج اختصاصهم في ظل ما توفره هذه الشركات من دورات تدريبية تسبق التوظيف.
رؤية اجتماعية
الحديث عن مبادرات العمل متعدد الوجوه ويأخذ الجانب الاجتماعي مساحة مهمة لكون العمل يؤثر بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية لأي شخص فقد بينت السيدة نيلي نجار رئيس مجلس مؤسسة «أعمال واعمار «ضرورة التدريب والتمكين ليس فقط لشريحة الشباب بل لجميع أفراد الأسرة وبخاصة المرأة لكونها أصبحت معيلة خلال فترة الحرب,وأصبح لديها مسؤوليات وأعباء أكثر من السابق، إضافة إلى الدورات المقدمة من قبل الشركات والجهات المبادرة هي ضرورية لتعزيز الثقة بالنفس,وتأمين المهارات التي تعزز الموقف الاجتماعي والاقتصادي لشريحة الشباب وخاصة تلك المتعلقة بالمهارات الشخصية التي يحتاجها سوق العمل.
وقد بين العديد من المشاركين أن المبادرات ذات هدف اجتماعي بما تتضمنه من حملات التوعية للتوظيف التي تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بهدف ملء الشواغر الموجودة في هذه الشركات والمصانع الوطنية. وهنا توضح بيان سلي:أنها كانت تعمل منذ عام بأعمال لا تناسب طموحاتها ولكن بعد قيامها بعدد من الدورات أصبحت تشعر أنها تستطيع الحصول على فرصة عمل في مجالات مختلفة وأنها أكثر حضورا في المجتمع، وترى أن ذلك ليس صعبا في ظل الظروف الحالية التي دفعت الناس للتعلم في كافة المجالات للحصول على عمل يناسبهم.
رؤية مرصد سوق العمل
تشكل هذه الملتقيات والفعاليات حالة مستمرة على مستوى المحافظات لكي تستقطب الشباب من جميع المناطق وليست حكرا على دمشق وريفها هذا ما أكده مدير مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الكوا.. موضحا أن الملتقى أصبح برنامجاً دائماً في الوزارة للربط بين الباحث عن فرصة عمل وصاحب العمل، حيث تتركز مشاركتهم في الملتقى من خلال مراكز تمكين الشباب التي تم افتتاحها في سبع محافظات، بالإضافة لمركز تمكين الشباب في دمشق لتوفير خدمات التدريب وبناء القدرات والربط مع أصحاب العمل ودعم رواد الأعمال وتأسيس مشاريع ريادية. مشيرا إلى أن الأولوية في المشاريع التي يتم تنفيذها هي للمسرحين وذوي الشهداء والجرحى. وخاصة في الملتقيات المقرر القيام بها قريبا في حلب وحماة إضافة لخمسة ملتقيات أخرى خلال العام ٢٠٢٠. وذلك من خلال ما يتيحه المرصد من فرصة دراسة احتياجات السوق لتصميم برامج تدريب وبناء قدرات للشباب أكثر مواءمة.
وأضاف مدير مرصد سوق العمل أن عدد المسجلين في برنامج تمكين الشباب وصل إلى ٨٩٨ شخصا وبدأ البرنامج بدوراته»مثل صيانة الموبايل والأدوات الكهربائية ومهارات البرامج الإلكترونية» وفقا لمذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وغرفة صناعة دمشق وريفها حيث يتم حالياً تقديم برنامج تدريبي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، والذي سيؤمن ١٠٠ فرصة تدريب للأطفال وذويهم الذين ليس لهم معيل، وقد تم سحب ٤٢٠ طفلا من الشارع وإعادتهم إلى المدارس ويتم تدريب ذويهم حاليا لتأهيلهم للعمل بالتعاون مع الغرفة.
تشغيل الشباب وتدريبهم
هناك مساع مستمرة نحو إقامة ملتقيات سنوية ومنصات توظيف من قبل غرفة صناعة دمشق تتوجه نحو الشباب الجامعي وقد لفت مدير مكتب الإعلام بغرفة الصناعة فراس المرادي إلى أهمية هذه اللقاءات كصلة وصل وربط بين الأشخاص الراغبين بالعمل والشركات المحتاجة إلى يد عاملة وفي تأمين فرص عمل للشباب وإقامة دورات تدريبية لهم ضمن المنشآت والمعامل، تطبيقا للاتفاقيات ومذكرات التفاهم بينهم وبين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وبين المرادي أن هذه الملتقيات لفتت النظر إلى موضوع البطالة وتأمين فرص عمل للشباب للتخفيف من المشكلات الاجتماعية والهجرة كما أنها تأخذ ضمن أولوياتها إيجاد فرص عمل للباحثين عنها وللمسرحين من الخدمة وجرحى الجيش العربي السوري، فهناك مشاريع كثيرة ستقوم بها غرفة الصناعة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن هذا التوجه من خلال مرصد سوق العمل ومنظمة العمل الدولية.
جهات مستقطبة
تشكل هذه الفرص خطة وطنية مشتركة تحقق طموحات الطرفين، ووفقا لرئيسة مركز تمكين الشباب في دمشق رزان الحموي أن الشركات المشاركة قدمت فرص عمل متنوعة مهنية وتجارية وخدمية وسياحية إضافة إلى المجال التعليمي الذي تم طرحه لأول مرة.
وبينت مديرة الموارد البشرية في شركة دلتا للصناعات الغذائية شاه زمان رسلان.. إلى أن شركتهم طرحت فرص عمل تتعلق بالصيانة والإدارة مع إتاحة فرصة التدريب للراغبين بالعمل لديها قبل المباشرة به في حال عدم توافر الخبرة. فيما أشار مدير الموارد البشرية في شركة مدار للمنظفات أحمد الاوبري إلى دور الملتقى بالتخفيف من عناء البحث عن الشركات والذهاب إليها ولا سيما الموجودة خارج دمشق موضحاً أنهم طرحوا فرص عمل تتعلق في مجالات الكيمياء والمحاسبة وفنيي الكهرباء والإلكترون, حيث تجري خلال الملتقى مقابلات عمل أولية وفي حال وجود أشخاص مناسبين يتم التواصل معهم لإجراء مقابلة أخرى قبل التعيين. وبين الدكتور أحمد سليمان مدير التسويق بشركة الوادي لصناعة الأدوية البيطرية أهمية الملتقى في توفير لقاء الشركات مع أكبر عدد من طالبي العمل وجمع قاعدة بيانات عنهم يمكن الرجوع إليها في حال توافر شواغر جديدة.
قدمت الشركات الموجودة في الملتقى عددا كبيرا من فرص العمل المتنوعة بين المحاسبة والسكرتارية والتنسيق ومندوبي المبيعات والتسويق للعمل على مستوى المحافظات، وبحسب مشرف قسم التسويق وقدة زيتون من شركة شموط: أن هدفهم من المشاركة هو عرض فرص عمل للشباب في ظل الظروف الصعبة، وقد تم توظيف عدد لا بأس به عن طريق هذه الملتقيات..فهناك شركات صناعية وأخرى سياحية وأخرى إعلامية تحدثت عنها حنان العمادي تعمل بمجال السوشيل ميديا لإنتاج أفلام قصيرة ومونتاجات وتقارير مرئية والتي تطرح لأول مرة في سورية.
أخيرا يمكن القول.. إن هذه المعارض تساعد من يحتاجون إلى عمل وتفتح المجال للطلاب للتعرف على سوق العمل وطبيعة الوظائف المتوفرة فيه من خبرات وما هي الوظائف المعروضة ونتعرف ما يوجد في السوق من شركات ومجالات للعمل في القطاع الخاص والعام والتي كانت غامضة في البداية وغير معروفة لشريحة الشباب وخاصة الجامعي، وتأمين يد عاملة ذات كفاءة عالية إلى سوق العمل بعد أن أصبح يعاني من تراجع ونقص خلال السنوات السابقة.
ميساء الجردي
التاريخ: الأثنين 24 – 2 – 2020
رقم العدد : 17201