من بوابة كورونا، تسعى الولايات المتحدة لتمرير مخططات جديدة لمواصلة استهداف الدولة السورية والمنطقة بأسرها.. تكثف تحركاتها المشبوهة تحت ستار انشغال العالم بالجائحة الوبائية، وتبقي أدواتها ومرتزقتها قيد طلب الاستجابة لتنفيذ أوامرها التصعيدية في المرحلة القادمة، وتغلف نياتها العدوانية بإجراءات ضبابية لإخفاء لعبتها القذرة الهادفة لإبقاء سورية ودول المنطقة في دوامة الفوضى الميدانية والسياسية، بهدف تثبيت وجودها الاحتلالي ومنع ترسيخ أي حالة استقرار دائمة.
في منطقة الجزيرة السورية تكثف من عمليات إدخال الأسلحة والمعدات العسكرية واللوجستية، وتستقطب المزيد من عناصر ميليشيات “قسد” للعمل تحت إمرتها ليكونوا واجهة مشروعها التقسيمي، وتسعى لإعادة إحياء داعش بعد إجلاء متزعميه من مكان أسرهم، لمحاولة إعادة خلط الأوراق عبر شن اعتداءات جديدة على مواقع الجيش العربي السوري في منطقة البادية، وما يترتب على ذلك من ترد للوضع الأمني هناك أدى لتوقف عدد من الآبار الغازية في حقول حيان والشاعر، ومن شأنه أيضاً عرقلة الترتيبات والإجراءات السورية والعراقية لإعادة فتح الحدود والمعابر بين البلدين، وكل ذلك يأتي بالتزامن مع رفع وتيرة دعمها لإرهابييها في منطقة التنف، ورفضها إطلاق سراح آلاف المدنيين المحتجزين في مخيم الركبان الرازحين تحت وطأة مخاوف انتشار كورونا في ظل عدم الاكتراث الأميركي لأوضاعهم الصحية الكارثية بفعل ممارسات قواتها المحتلة ومرتزقتها الإرهابيين، وسطوهم على المساعدات الغذائية والطبية قبل أن تصلهم.
واشنطن تريد ان تبقي الجزيرة السورية بؤرة للإرهاب والاحتلال، وتتمترس خلف قوتها الغاشمة من جهة، وولاء أدواتها وتنفيذها لتعليماتها بشكل أعمى من جهة ثانية، ونظام المجرم أردوغان مثال على ذلك، والاعتداءات المتواصلة التي تشنها قواته المحتلة ومرتزقتها من التنظيمات الإرهابية على العديد من القرى الآمن بريف الحسكة لا تنفصل عن سياق ما تخطط له إدارة ترامب لتثبيت تموضعها في المنطقة، وتقاسم النفوذ والسيطرة مع النظام التركي مقابل إغرائه بتسهيل عملية مواصلة عدوانه على الأراضي السورية، وتمكينه من تكريس احتلاله لإدلب إلى جانب إرهابيي “النصرة”، وإبقائه الواجهة الحصرية لمنظومة العدوان على طاولات الحل السياسي.
على التوازي مع إرهابها العسكري والاقتصادي في سورية، تعيد أميركا الغازية والمعتدية ترتيب أوراقها للتمدد والتوغل وفرض سطوتها في المنطقة.. تنسحب من بعض قواعدها العسكرية في العراق وتعززها في أخرى، وتنشر صواريخ الباتريوت، ومسؤولوها يكثفون زياراتهم المفاجئة وغير المعلنة إلى تلك القواعد – مايك بنس نائب ترامب، ووزير الحرب مارك إسبر وصلا إلى قاعدة الأسد الجوية بفارق ساعات بين الزيارتين – والمتحدث باسم التحالف الأميركي مايلز كاغينز أبدى المخاوف من عودة داعش، والسفير البريطاني في بغداد بدأ الترويج لهشاشة الوضع الأمني في العاصمة العراقية، وكل ذلك يثير الكثير من الشكوك حول النيات الأميركية تجاه الشعب العراقي في مرحلة ما بعد كورونا، وربما أثناءها، كما ويطرح العديد من الأسئلة حول إمكانية التصعيد تجاه إيران من داخل الأرض العراقية، وسبق لمسؤولي البنتاغون أن هددوا أكثر من مرة بأن جائحة كورونا لن تثنيهم عن مواصلة عملياتهم العسكرية في الخارج، الأمر الذي يعني بأن الولايات المتحدة الهاربة من مواجهة كورونا ماضية في حروبها العسكرية كي لا تفقد وزنها الدولي المرتكز على تكريس نهج الهيمنة والعدوان، حتى وإن بدأ الفيروس التاجي بحصد أرواح عسكرييها على متن حاملات طائراتها في البحار.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير: ناصر منذر