في دمشق ومن نورها وعبقها وقداستها، يحتفل السوريون هذه الأيام بعيد الفصح المجيد في ظروف استثنائية، يتلمسون معالم الغد، فمن دمشق مهد الديانات السماوية، والأبجدية الأولى، وعشرة آلاف عام من الفعل الحضاري.
في أعيادنا السورية ثمة مساحات للفرح، والتآلف، والمحبة على الرغم من قساوة الأيام وجراحاتها، ترانيم في الكنائس، صلوات من المساجد نسمعها ونحن في منازلنا، نعيش معها، تدخل وجداننا، وكلنا أمل بأن القادم أجمل.
السوريون عن بعد غير مسبوق يتبادلون التهاني، ليبدو كلوحة فسيفسائية تبعث الفرح والنور أمام أيامنا الصعبة… ففي ظل هذا الوباء العالمي الذي نعيشه والذي لم نعتقد يوماً أننا سنعيش تفاصيله ومعاناته لطالما قرأناه في الروايات والكتب فقط، نشعر بأننا أكثر حنيناً لبعضنا البعض، ولمساحات الفرح التي كنا نعيشها.
هي تجربة جديدة، لا نزال نختبر أوجاعها وخوفها ومتاعبها ومستقبلها المجهول، لكننا في كل يوم نعيشه، تتزايد تساؤلاتنا وتتطلعاتنا، ونشعر بقيمة أشياء كثيرة كنّا نعيشها واليوم بتنا نفتقدها.
سنعبر هذه المحنة، وسنعود كما كنا نعطي ونقدم ونزرع الفرح الذي قدمناه في أحلك أيام الحرب على سورية، فبالرغم من سوداوية المشهد الذي فرضه هذا الفيروس، إلا أن القيم الإنسانية قد حظيت بجزء كبير من تفكيرنا، وأهمها أن القرب من الآخرين والإحساس بهم قد ازداد وتضاعف مرات ومرات.
نعم أفقدنا فيروس كورونا أشياء كثيرة، وغير مجرى حياتنا بشكل غير متوقع، لكنه أعادنا إلى روح التآلف والإنسانية التي ولدت من هذه الأرض وعليها، فكل عام وأنتم وسورية بألف خير.
رؤية- عمار النعمة