ثورة أون لاين- هناء الدويري:
طوال النصف الثاني من القرن العشرين محاولات دول كبرى لا تتوقف في الاختراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعسكري لدول منطقتنا والدول المستضعفة، أصبحت بلداننا عنوان حرباً مفتوحة متنوعة الأداء لا تتوقف عند حدّ الأحلاف العسكرية والانقلابات والحروب، ووصلت إلى «كوفيد 19» كورونا المستجد الذي يجتاح العالم، وبغض النظر عن أسبابه وتداعياته والدمار الشامل المطلوب تحقيقه من خلاله لم تتبدَّ النتائج بشكل كامل بعد..
سيناريوهات كورونا المستجد سبقته كأي عدو.. والاجتياح والاختراق الثقافي لهذا الوباء تمثّل في الترويج له من خلال بعض المؤلفات التي تناولته بأشكال مختلفة، إضافة للمشاريع السينمائية العالمية ذات التأثير الكبير التي حاكت تجارب إنسانية درامية مع أوبئة وأمراض فتاكة بالبشرية تؤدي إلى كوارث إنسانية تصيب العالم ويصعب السيطرة عليها، وينفد منها من تحضّر لهذا اليوم الكارثي، هذا العرض الدرامي يحاول إقناع العقل البشري أن كوارث كهذه متوقعة ويمكن أن تحدث.. والسبق السينمائي أيضا مدروس وبدقة عالية في مخابر العلم النفسي كدراسته في مخابر العلم البيولوجي..
لذلك ليس من باب المصادفة أن يصدر فيلم “كونتيجن” بمعنى العدوى منذ عام ٢٠١١ للمخرج “ستيفن سودربيرج” ويعرض في أحداثه تفشي وباء مجهول معدٍ تتشابه أعراضه مع أعراض “كورونا المستجد”، ويستلزم البحث عن مكان آمن للأصحاء في مختلف المدن، إضافة لبدء انتشار المرض من الصين وانتقاله عن طريق مسافرة عادت من هناك لتموت وتنقل العدوى إلى ابنها، في حين ينجو زوجها بسبب مناعته القوية..
ورغم أن الفيلم حينها لم يحقق إيرادات عالية، إلا أنه اليوم يأخذ المراتب الأولى في المشاهدة.
أما فيلم “l am legend” بمعنى “أنا أسطورة” إنتاج عام ٢٠٠٧ يقوم فيه الممثل “ويل سميث” الناجي الوحيد من وباء قاتل ينتشر بسرعة ويقضي على الجنس البشري، يقوم ببث رسائل إذاعية يومياً للبحث عن ناجين آخرين، ويستمر في إجراء تجارب علمية للوصول إلى علاج لهذا الوباء..
فيلم “the crazies” بمعنى المجانين، إصدار عام ٢٠١٠ الذي تحول فيه سكان مدينة “أيوا” في أميركا إلى مختلين يتصرفون بطريقة غريبة دون معرفة الأسباب، ويبدأ الصراع من أجل البقاء بين المصابين والأصحاء، والعدوى سبب رئيسي لانتشار الوباء..
وفيلمي ” pandemic” بمعنى “وباء” وإصدار عام ٢٠١٦ ، و”bird box”بمعنى “صندوق الطيور” وإصدار ٢٠١٨ ، في أحداث الأول طبيبة تبحث عن علاج لوباء اجتاح الكوكب وسقطت نيويورك فريسة له، فتبدأ رحلة الطبيبة إلى لوس انجلوس للبحث عن ناجين غير مصابين لإنقاذهم.
وفي الفيلم الثاني “الأم” التي تجسّد دورها “ساندرا بولوك” تحاول إنقاذ طفليها في البحث عن ملجأ من عالم الوحوش الذين بمجرد نظرهم في عيون الأصحاء ينقلون لهم العدوى..
شركات الإنتاج السينمائي الكبرى على اختلافها عملت منفردة ولكن بإدارة واحدة، تلك الإدارة التي تمتلك نزعات سياسية واجتماعية واقتصادية لتدمير العالم، وأشكال الأوبئة والأمراض في جميع الأفلام تتفق على تدمير العنصر البشري وأساس التدمير فيروس معدٍ ولحين النجاة منه يتم تفكيك الأسر والمجتمعات وخلق حالات الفوضى والمزيد من العنف والقتل والسير على جثث البشر، وكأنها ثقافة حياة جديدة يُراد لها أن تنتشر في ظل الصراعات التي يُضاف لها الحرب البيولوجية.