ثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
بردى الذي عاد دفاقا شهيا بما يحمله من نسغ الحياة للغوطة ودمشق , تغنى به الكثيرون من الشعراء منذ القدم , ولكن أجمل ما قيل ربما كان لأحمد شوقي , وبعده ااخطل الصغير , بشارة الخوري , الشاعر الذي واكب نضال الأمةوجراحها , وغناها فرحا وحزنا , وكان مع كل نضال ضد الاستعمار الفرنسي , وفي محطات حياته
بشارة عبد الله الخورى المعروف بالأخطل الصغير واتلقب كمان بـ “شاعر الحب والهوى” و”شاعر الصبا والجمال”. وسبب تسميته بالأخطل الصغير نسبه بالشاعر الأموي الأخطل التغلبي.
ولد في بيروت سنة 1885، وتوفي فيها 1968.
تلقى تعليمه الأولي في الكتاب ثم أكمل في مدرسة الحكمة والفرير وغيرهما من مدارس ذلك العهد.
اصدر عددا كبيرا من الدواوين التي أصبحت نادرة الآن , منها :
ديوان الهوى والشباب سنة 1953.
ديوان شعر الأخطل الصغير سنة 1961.
غنى له محمد عبد الوهاب ووديع الصافى وفيروز وفريد الأطرش واسمهان
( لم يبايع بإمارة الشعر العربي بعد احمد شوقى سوى بشارة الخوري وعباس محمود العقاد، وإذا كان العقاد قد عادت له مكانته الشعرية في المختارات التي نشرها له الشاعر فاروق شوشة، فإن بشارة الخوري ظل حيا في أغاني عبد الوهاب “جفنه علم الغزل” و”الهوى الشباب” و”يا ورد مين يشتريك” التي مزج فيها العامية بالفصحى في تجربة فريدة، وفي أغنية أسمهان الرائعة “أسقينها” وعنوانها في ديوانه الصادر عن “مكتبة الأسرة المصرية” طبعة ” الهيئة المصرية العامة للكتاب” 1997 “بأبي أنت وأمي”.
جدير بالذكر قصيدته الأكثر من رائعة “سلمى الكورانية” والتي ألقيت في الحفلة التي أقامتها جمعية من كرائم السيدات في بشمزين من قضاء الكورة في سبتمبر ) وهو القائل في تكريم المناضل الكبير صالح العلي:
يا صالح بن علي هل لك في يد *** فلقد وجدت لكي تغيث وترحما
صرحُ العروبة أين كان مقرهُ *** أوما إليك وقد تهلل وانتمى
إني لمحتُ لواك فوق قبابه *** مترنحاً ولمحتُ روحك حوما
لو أنصفوا كتبوا على شرفاته *** هذا الذي نفح الحسام المرقما
تعب الجهادُ من الطواف فلم يجد *** شرفاً أعز ولا مقاماً أكرما
طالعتُ وجهك والصباح فلم أكدْ *** أتبين الصبح المنور منهما
وهو القائل في حب دمشق ونهرها الخالد بردى:
أنا مذْ أتيتُ النهرَ آخرَ ليلةٍ
كانت لنا، ذكّرتُهُ إنشادي
وسألتُهُ عن ضفّتَيْهِ: ألم يزلْ
لي فيهِما أُرجوحتي ووِسادي
فبكى ليَ النهرُ الحنونُ توجّعاً
لمّا رأى هذا الشّحوبَ البادي
ورأى مكانَ الفاحِماتِ بِمَفرِقي
تلكَ البقيّةَ من جُذًى ورمادِ
* * *
تلكَ العشية ما تُزايِلُ خاطري
في سفحِ دُمَّرَ والضِّفافُ هوادي
شفّافةُ اللَّمَحاتِ نيّرةُ الرّؤى
ريّا الهوى أزليّةُ الميلادِ
أبداً يطوفُ خيالُها بنواظري
فأحِلُّه بينَ الكرى وسُهادي
وأهُمُّ أرشُفُ مقلتَيْهِ وثغرَهُ
فيغوص في أُفُقٍ من الأبعادِ
إيهٍ خيالَ المانعي طيبَ الكرى
أيُتاحُ لي رُجعى معَ الرُّوّادِ
لي في قرارِ الكأسِ بعدُ بقيّةٌ
سمحتْ بها الآلامُ للعُوّادِ
حنّتْ لها خُضْرُ الدوالي رقّةً
وبكى لها جفن النسيم النادي
هيَ كُنْهُ إحساسي وروح قصائدي
ومطاف أحلامي ورُكنُ ودادي
للشعر منطلِقَ الجوانحِ هائماً
بين السواقي الخُضْرِ والأورادِ
متخيِّراً منهنّ ما ابتكر الضحى
من لؤلؤٍ غِبَّ السحابِ الغادي
أندى على جفنٍ يساورُهُ الأسى
وأخفُّ من مرح الهَزارِ الشادي
بردى؛ هل الخلدُ الذي وَعدوا بهِ
إلاكَ بين شوادنٍ وشوادي
قالوا: تحبُّ الشامَ؟ قلتُ: جوانحي
مقصوصةٌ فيها، وقلتُ: فؤادي