ثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
ابتعادها عن أضواء النجومية لا يلغي حقيقة أنها نجمة في أدائها وفنانة من الطراز الرفيع، تمتلك إحساساً عالياً وقدرة كبيرة على الأداء والإقناع، هذا ما بدا واضحاً من خلال دور (أم عطا) الذي أدته الفنانة آمال سعد الدين في مسلسل (حارس القدس) إخراج باسل الخطيب وتأليف حسن م. يوسف وإنتاج وزارة الإعلام ـ المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي.
مما لا شك فيه أن جميع الممثلين أمام كاميرا المخرج باسل الخطيب هم (أبطال)، فهو يشتغل على ومع الممثل محفزاً لطاقاته الإبداعية مكتشفاً ما بداخله من مكنونات ليظهرها أمام الكاميرا بصدق وعفوية، وهو أمر تم لمسه من خلال أداء الممثلين في المسلسل بغض النظر عن حجم دور كل منهم، ولكن كان لا بد من الوقوف عند دور (أم عطا) بمشاهده القليلة الكبيرة وبكل ما حمل من صفات إنسانية قدمتها الفنانة آمال سعد الدين بفيض من الدفء والحب مجسدة الدور بروحها، فأنسنته وحولته إلى لحم ودم ومشاعر، حاكت من خلاله المرأة الفلسطينية وأعطت أنموذجاً عن قوتها وإصراراها وصبرها وفهمها للأمور وتعاطيها مع الواقع، عبر دور كُتب بحب وحمّل دلالات أبعد بكثير من كونه لامرأة تكافح شظف العيش وهي تعاني من ظروفها الصعبة، وبدا هذا الاعتناء حتى في أدق التفاصيل بما في ذلك الزي الفلسطيني الشعبي للنساء والشغل على اللهجة.
واستطاعت من خلال أدائها منحنا شعوراً أننا سبق والتقينا بهذه المرأة في مكان ما ونعرفها جيداً، فهي إما قريبة لنا أو صديقة أو لعلها والدة أحد معارفنا.. هو شعور لا يمكن أن تمنع نفسك عنه لدى متابعة أدائها المفعم بروح الأرض، الأرض الأم، ولعل ذروة الأداء وأجمل المشاهد وأكثرها تأثيراً كان في الحلقة الثامنة عندما ودّعت جورج الذي أصبح فيما بعد المطران ايلاريون كبوجي، ودّعته كما تودع الأم ابنها بالحرارة نفسها، وزاد عليها حس الأم الفلسطينية التي استشهد زوجها وقد آذى الصهاينة ابنها.
الفنانة آمال سعد الدين متعددة المواهب والملَكات، فكما استطاعت أن تزرع البسمة على ثغر المشاهد وتدفعه للضحك في الكوميديا، استطاعت اليوم بدورها الإنساني والوطني أن تدخل قلوب المشاهدين وتحرضهم للتفاعل مع الشخصية بحب كبير، ويضاف إلى ذلك كله قدرتها على الوصول إلى المشاهد من خلال صوتها فقط عِبر العديد من المسلسلات المُدبلجة.