ثورة أون لاين:
لو أحضرت لطفلك ألعاب العالم كلها.. فستبقى الأم هي اللعبة المفضلة له، وسيبقى الأب هو الرجل الأول والمفضل في حياته… وتفضيل الطفل لأمه لأنها تمتلك من الصفات ما يجعله يفضلها، لأن أي طفل له حاجاته الأساسية والضرورية كالغذاء واللباس والمسكن، لكنه بحاجة أكثر للشعور بالأمان والاستقرار والدفء والحنان والعطف والدلال.. وهذه الأخيرة أي – الدلال – من الحاجات التي سنركز عليها.. يبالغ البعض في إعطاء الطفل لحاجاته ومتطلباته فيغدقون عليه الهدايا والألعاب ويلبون كل طلباته ما يجعل طفلهم اتكالياً من دون قرار ولا رأي… هناك من الأمهات من تكرس كل حياتها لولدها، فلا تتركه يغيب عن ناظريها ولا تطيق أن تزجره أو توجهه أو تقول له لا..
من الطبيعي أن يسعى الأب والأم الإكثار من دلال أطفالهم وإعطائهم الحب والحنان و إلى تلبية طلباتهم. لكن اختصاصيي علم النفس والتربية لهم رأيهم في الدلال الزائد، فهو يطوي أحلام الطفل ويحد من طموحه ويهدم ملكة الإبداع والاكتشاف والبحث عن الحلول للمشاكل، لأن كل شيء حوله متاح ومتوافر فلا يشعر بقيمة الأشياء لأنه لم يتعب أو يبذل جهداً للحصول عليها. هذا الدلال المبالغ فيه يدفع الأهل إلى عدم قبول أي نقض أو نصيحه أو ملاحظة من المحيطين بالطفل معلمين كانوا أم أقارب أم من الجيران أو الأصدقاء. هذا الدلال يدفع الطفل للتراخي والتهاون والكسل وعدم تحمل المسؤولية، فهم يغضون البصر عن أي تصرف خاطئ للطفل وبالتالي فقضية التأديب والعقاب غائبة عن هذا البيت وهذه الأسرة.
يقول د.دينس شولمان وهو الاختصاصي في مجال سلوك الطفل: (الأطفال يترجمون ردود فعل الوالدين إلى سلوكيات تمكنهم من تحقيق ما يريدون، ولهذا من الخطأ الكبير أن تعود طفلك على تلبية كل طلباته… ومن الطبيعي استخدام كلمة -لا- قولاً وفعلاً و أضاف: كثير من الإزعاج أفضل من قليل من الانحراف السلوكي، فعندما يدرك الطفل ان ما يريده يتحقق بالإزعاج مثلاً فإنه يتحول إلى طفل مزعج. ما الحل إذاً؟ علينا تجنب تعريضه إلى التلفاز والألعاب الإلكترونية ووسائل الاتصال الحديثة).
تتساءل سعاد: لقد حرمنا من السعادة في طفولتنا ما المانع أن نمنح هذه السعادة إلى أطفالنا ونغدق عليهم بالهدايا.. يجيب المختص في علم التربية: (من قال إن سعادة الأطفال لا تتحقق إلا بالاستجابة لكل طلبات الأطفال، فإدخال السعادة يمكن أن تتحقق من دون تلفاز وألعاب إلكترونية وأجهزة اتصال حديثة وعليهم ألا يتوقعوا هدية أو لعبة في كل خروج إلى الأسواق).
عندما تركنا أطفالنا من دون تحمل مسؤوليات تناسب عمرهم صار التراخي والتهاون والإهمال والكسل سلوكاً يومياً… ما المانع أن نكلفهم ببعض الواجبات المنزلية كتنظيف طاولة الطعام ونقل صحون الإفطار وترتيب السرير وجمع الكتب والألعاب وترتيبها في أماكنها المخصصة… ومهما أنجز من هذه الأعمال فلابد منالثناء والتشجيع ليصبح سلوكهم الجيد عادة وصفة ملازمة لهم.
تقول شهد: هل نلجأ إلى الحزم والقسوة في تربية أطفالنا حتى نصل إلى ما نريد. يجيبها خبراء التربية بأن الوسطية في التعامل مع الأطفال هو الأسلوب الأمثل فلابد من استخدام الحزم ولكن من دون قسوة، وباختصار لا إفراط ولا تفريط.
يقول د.سبوك في كتابه (تربية الأبناء في الزمن الصعب): (الطفل في حالة الدلال المفرط يخرج إلى المجتمع وقد اختلطت لديه المفاهيم وأصبحت الأمور عنده غير واضحة فالنجاح كالفشل والصدق كالكذب).
كما يوضح الباحث الاجتماعي والتربوي عبد العزيز الخضراء: (إن التراخي والدلال الزائد يجعل الطفل يرسم صورة غير حقيقية للواقع المكون من أشياء مقبولة وأخرى مرفوضة كما أن الاستجابة لجميع طلبات الطفل والخوف عليه يجعلانه إنساناً غير طبيعي، فالحياة فيها أشياء متاحة وأخرى غير متاحه والطفل المدلل غالباً ما يصبح شخصاً أنانياً لا يحب إلا نفسه ويظهر عنده حب السيطرة وتجعله شخصاً اتكالياً يعتمد على الآخرين، ولا يبذل أي جهد أو نشاط.
أيمن الحرفي