ثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
تتفق أو تختلف مع الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي لا يضير الأمر ولا يعني أنها لم تتبوأ المكانة الرفيعة في المشهد الثقافي العربي إبداعاً روائياً قدم أعمالاً أصبحت أيقونات في كل مكتبة منزلية بل وجامعية..
شهرتها الكبيرة جرت عليها الكثير من المتاعب لكنها ظلت الوفية لإبداعها المتميز ومنحازة بلا تردد لقضايا أمتها العربية في كل ما كتبته..
كتابها المهم الذي صدر عن الآداب ببيروت وحمل عنواناً يضج بالإيحاءات.. قلوبهم معنا وقنابلهم علينا.. وهو مستوحى من قول عربي قديم لسنا بصدده..
هذا الكتاب يجمع مقالات متنوعة ومتعددة كتبتها أحلام كقراءة للكثير مما وقع على الأمة العربية..
اللافت في الأمر أنها طافت العالم وزارت الولايات المتحدة الأميركية وكان يمكن لها أن تكون ضيفة في أي بلد غربي لكنها لم تفعل، وبهرج الغرب الكاذب كان مفضوحاً أمامها…
كتبت بصوت عال عن كذب أميركا عن توحشها، رعونتها، كذبها، فوقيتها العنصرية… تقول مستغانمي:
ذلك أنه منذ زمان والأميركان ينتمون إلى كوكب آخر.. لا علاقة له ببؤس عالمنا الأرضي وأحزانه… هم الجالسون فوق المبادئ وفوق الحق وفوق الفيتو وفوقنا، على علو مئة وعشرة طوابق من مآسينا.. كيف لصوتنا أن يطولهم؟ وكيف لهم أن يختبروا دمعنا وفواجعنا من دون أن تنهار بهم تلك الناطحات التي كانوا يناطحون بها الأرض… قبل أن يناطحوا بها السماء وتجلسهم على أنقاض ذلك الكم الهائل من الغرور والعجرفة..؟
ولا تذهب أحلام حد الغرور في قراءة المجتمع الأميركي، فهي واقعية بما تقدمه لاسيما عندما تتحدث عن شغف الأميركي بالجامعات والعمل من أجلها وتقديم التبرعات لها.. وأميركا بلد قام على الجامعات التي تنهض به.. وتروي أن طبيبة عربية كادت تحكم بقضية ما هناك وأسقط بيد المحامي ولم يبق أمامه شيء فقال لها: الحل الوحيد أن يقدم بك أستاذ جامعي شهادة إيجابية.. وتم الأمر دليل على مكانة الأستاذ الجامعي ومصداقيته أيضا بالوقت نفسه…
وحين تتحدث عن بوش الذي تسابق الأعراب لخدمته تقول إنه كان يحكم العالم لكنه بعد تقاعده قال إنه لا عمل له إلا أن يلم روث كلبهم في الحديقة…
هذا الذي تسابق الأعراب لخدمته لم يتعظوا أن الأشخاص يمضون والأوطان تبقى…
وكما كانت مقالاتها قراءة في المجتمع الأميركي وحال الغرب كانت أيضاً العين الفاحصة لواقعنا العربي المؤلم لاسيما في العقم العلمي والفكري وعدم الانتباه إلى ثروتنا من العلماء والإنفاق فقط على الطرب والغناء والأجساد العارية.. تقسو بما تكتبه لكنه عين الحقيقة تماماً، فالتهريج الإعلامي والثقافي وصل في وطننا العربي حداً جر علينا المآسي ومازال..
ينفق الأعراب على أي مطربة ما لا يحصى، وحلم الشباب العربي أن يصبح مطرباً، فيا له من حلم!بينما يعمل الكيان الصهيوني على اغتيال وتصفية علمائنا ومتابعتهم أينما كانوا..
تقول مستغانمي: ما عادت المأساة في كون مؤخرة روبي تعني العرب وتشغلهم أكثر من مقدمة ابن خلدون، بل في كون اللحم الرخيص المعروض للفرجة على الفضائيات.. أية قطعة فيه من السيليكون أغلى من أي عقل من العقول العربية المهددة اليوم بالإبادة..
إن كانت الفضائيات الطربية قادرة على صناعة النجوم وتفريغ العشرات منها بين ليلة وضحاها، وتحويل حلم الملايين من الشباب العربي إلى أن يغدوا مغنين، فكم يلزم الأوطان من زمن وقدرات لصناعة عالم واحد؟…
وكم علينا أن نعيش لنرى حلمنا بالتفوق العلمي يتحقق..؟.