هل فعلاً ما نتجاهله ينزاح من ذاكرتنا أم أنه يستقر في قعر اللاوعي دون أن ندري ذلك..؟؟
في واحد من حواراته، يعترف الفيلسوف ميشيل فوكو:”ما أقوله هو ليس ما أفكر فيه بل ما أقوله هو ما لا أرغب في التفكير فيه”..
ويُفصح فوكو عن عدم إيمانه بفائدة اللغة والأحاديث في التعبير عن الذات..
وسواء أكانت اللغة سبيلاً للتعبير عن الذات أم لم تكن، لا يلغي ذلك كونها سبيلاً للتحرر مما يثقل فكر المرء.
اللغة بوصفها حاملاً لأفكارنا يبدو أنها تلعب معنا.. تتغلغل داخلنا في مسام تفكيرنا وعقولنا.. تبني وربما تهدم.. بمعنى تثمر الشيء الجيد أو تكتم حضوره وتقلبه للضد وهو ما يكون بحسب طبيعة الأفكار التي نزرعها داخلنا.
كنوعٍ من طرد السلبي وتعقيم الفكر منه؛ وبالتالي الجسد.. يعود فوكو ليوضح: “أنا لا أقول الأشياء لأنني لا أفكر فيها بل لأنني قلت الأشياء في شكل من أشكال الهدم الذاتي حتى لا أستمر في التفكير فيها”..
كم من الأفكار تخترقنا وتوسوس داخلنا..؟!!
وفق طريقة فوكو علينا النطق بها، إطلاقها سبيلاً لتحريرها منا..
وبالتالي تحررنا نحن منها.
أنتحرر من أفكارنا فعلياً حين ننطقها..؟
أم ننقلها إلى دائرة تحول لا ذاتية كأن نذروها في أفق موضوعي لا متناهٍ من تبدلات القراءة والفهم وتحولات التلقي..؟
ثمة نوعان من الأفكار تلك التي تستقر على سطح وعينا، وأخرى تغوص إلى أعمق نقطه فيه.
هل للكلمات سلطة تعيننا على فلشها على الملأ..؟
على هذا النحو تكون الكتابة، والتي هي نوع من إطلاق الأفكار وسيلة لنُميت ما يعرش على قلوبنا وفي عقولنا من لطخات فكرٍ.
هكذا نتقن لعبة التمويه عبر اللغة والكلمات.. نموّه ما نحياه حقيقة بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين ذاك الذي نطلقه للعلن..
هل نتخفّى خلف اللغة بزيّ كلماتها وكأنما نطبق مقولة فوكو: “أتكلم لأوجد فإذا به امّحى خلف اللغة التي أتكلمها”..؟؟
رؤية – لميس علي