ربما علينا أن نذكّر لأكثر من مرة بما قالته أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند السابقة، وذلك ردّاً على سؤال، وجّهه إليها أحد الصحفيين قائلاً: أنت امرأة فكيف تحكمين بلداً واسعاً كبيراً كما الهند؟
ببساطة ردّت: سوف أعمل بعقلية سيدة المنزل، الأم التي تعتني بكل شيء، ترتب وتنظف وتعدّ ما يحتاجه البيت، تدبّر الموارد التي تحتاجها، مهما كانت قليلة.
هل فكرنا مرة واحدة ونحن نتعرّض لحرب ضروس: كيف تؤمّن الكثير من العائلات السورية احتياجاتها، ومن المسؤول عن إدارة الموارد في المنزل على قلّتها، وشحّها، وأحيانا ندرتها؟
علينا أن نطرح السؤال على أنفسنا تماماً لنصل إلى نتيجة منطقية تبيّن كيف نتدبّر أمورنا اليومية، ونحن نحتاج أضعاف دخلنا، راتب بالكاد يكفي المتطلبات الدنيا من العيش، حسب الإحصاءات التي تقدّمها جهات رسمية سورية وما تحتاجه الأسرة السورية شهرياً، أكثر مما يتقاضاه أي موظف بمرات، فكيف نتدبر أمورنا؟.
طبعاً كثيرون، يزاولون عدة أعمال على الرغم مما يسبّبه ذلك من تعب وإرهاق، لكنها الحياة، ومع ذلك فالأمر صعب للغاية، مستلزمات كثيرة، ودخل قليل، لكن الأمور تمضي نحو الأفضل دائماً بفضل عقلية السيدة السورية المدبّرة، سيدة المنزل التي تعي متطلبات اللحظة والضرورة والأكثر إلحاحاً، من مواسم إعداد «المونة» وتخزينها إلى وقت الاستهلاك، ألا نسمع كل عام مع فصل الخريف، بشهر «المونة»: (الزيت والمكدوس والجوز، وغير ذلك الكثير، ويترافق الأمر مع شهر افتتاح المدارس).
«مونة» تعرف سيدات سورية كيف تعدّ وتحضّر وتخزّن، لوقت الحاجة، أموراً ربما يظن الكثيرون أنها عادية، لكنها بالحقيقة فعل خلّاق، وقدرة على التلاؤم والتكيف مع الحياة، بحلوها، ومرّها، مفردات عمل يومية نلحظها اليوم في أسواقنا مع حركة التموين للشتاء (بصل، ثوم، بازلاء، فول..).
ومن حسن حظنا أن الله أنعم علينا بوطن معطاء، كل مواسم الخير موجودة، صحيح أن كل شيء موفور، لكنه غالٍ ومرتفع الثمن، بفعل جشع التجار ولكن النعمة الأكبر أن عقلية السيدة السورية هي التي تدير متطلبات البيت وتعمل كما قالت انديرا غاندي.
لسنا بحاجة إلى المزيد، لكننا بحاجة إلى حسن إدارة بعض الجهات المعنية لمواردنا على كثرتها، فلنعمل بعقلية السيدة السورية التي تجعل من الندرة وفرة، فكيف حين تكون الوفرة ماثلة؟.
معاً على الطريق – ديب علي حسن