عانت دول متقدمة اقتصادياً ومتطورة طبياً وتكنولوجياً خلال الأسابيع الماضية.. وما زالت تعاني في توفير المتطلبات الصحية الأساسية لمواجهة وباء فيروس كورونا المستجد- كوفيد 19، بدءاً من أجهزة التنفس الاصطناعي وصولاً إلى أبسط الأمور مثل توفير الكمامات وأدوات التنظيف والتعقيم الشخصية، وقد لقي أطباء وممرضون وعاملون في القطاع الطبي حتفهم بسبب غياب هذه الأمور بالرغم من بساطتها.
هذه الأزمة الصحية الإنسانية لفتت انتباه جميع دول العالم إلى أهمية إيلاء الأمن الصحي الاهتمام اللازم كأحد أهم أبعاد الاهتمام الإنساني بجميع مفاهيمه.. ومن المتوقع أن تغير بشكل كبير من أولويات الإنفاق، بحيث تزيد من الإنفاق على القطاعات الصحية، بما في ذلك البنية التحتية من مستشفيات ومؤسسات رعاية طبية، وكذلك البنية البحثية والعلمية لمواجهة الأوبئة بأساليب أكثر فاعلية وسرعة في الاستجابة.
فيروس كورونا المستجد وسرعة انتشاره وقدرته على إصابة أشخاص والتسبب بوفاتهم بشكل متسارع أعطت مؤشرات أساسية أظهرت بأن العالم والمنظومة الصحية العالمية ليس لديها الاستعدادات الكافية والإمكانات اللازمة لمواجهة مثل هذه الجائحة، بالرغم مما مرّ من أمراض، وإلى جانب غياب لقاحات تقلل من آثاره.
تحقيق الأمن الصحي لا بدّ أن يتغير مع التهديدات الجديدة بدلاً عن التركيز على الأمور الصحية البسيطة والحماية من الأمراض العادية، ولا بدّ من استحداث آليات لمواجهة التحديات المستقبلية، والتركيز على إيجاد العلاج والبحث العلمي.. فجائحة فيروس كورونا المستجد تجعلنا ندق ناقوساً قوياً ينبهنا إلى ضرورة السعي الحثيث للتدريب وللاكتفاء بالمنشآت الصحية والمعدات الطبية والكوادر الوطنية في كلّ التخصصات الصحية..
الأمن الصحي مطلب وطني حيوي في كلّ الأوقات، ولا يقل أهمية عن أي أمر آخر، وان توجيه قدر ولو بسيط من الموارد نحو الاهتمام بهذا البعد من أبعاد الأمن الإنساني كفيل بأن يحمي الجميع من أضرار ومخاطر تفوق أي مخاطر أخرى.. كما يتطلب الأمر توفير الاحتياجات الطبية وهياكل متخصصة في الحجر والعزل الطبي، وطاقم طبي مدرب، ووسائل النقل المتخصصة، وغيرها من الإمكانات التي يجب أن تتوفر في مثل هذه الحالات..
أروقة محلية-عادل عبد الله