يُجمع المراقبون على صعوبة ما نمر به من أزمة اقتصادية متشعبة وخانقة بكل المقاييس المعيشية، ويوماً بعد يوم يشتد الاستهداف الخارجي والعقوبات الظالمة، لتطول مزيداً من القطاعات المتاخمة لحاجات المواطن السوري الأساسية، وحتى الدواء وخصوصيته لم تستثنَ من هذه الأجندة العدوانية واللئيمة على بلدنا.
ولاشك أن هذه الظروف باتت تتطلب جهوداً بمستوى الاستهداف والتوجه نحو القطاعات الأكثر تضرراً وتماساً بالحياة المعيشية والصحية للمواطن، فهناك شيئان مهمان لا يمكن الاستغناء عنهما الغذاء والدواء، وهما اليوم أمام تحد كبير، ولطالما حافظت سورية على أولويتهما وتوفيرهما في أصعب الظروف، لكن ما يحصل اليوم من ضغوط خارجية وجشع محلي من قبل تجار الأزمات سبق كل القوانين بل إنه تجاوزها في زيادة الضغط على معيشة المواطن.
وربما يكون مكرراً الحديث عن الموارد الطبيعية والذاتية في سورية، وأهمية استغلالها بطريقة صحيحة، وتحفيز العملية الإنتاجية والصناعية، لكنه اليوم جزء من الحل، وهنالك أرضية مهمة يتمتع بها بلدنا ولابد من العمل على إعادة الإقلاع بما هو متوقف، وتأمين الاستمرارية والديمومة لما هو منتج فأي حل لمرة واحدة لا يكفي لأنه مجرد حل مؤقت وبالتالي خسارة دون جدوى، فالتحول بات عالمياً من الاستهلاك إلى الإنتاج وما يقابلهما من تنمية مستدامة.
من المؤكد أننا نمتلك مقدرات مهمة قادرة على انتشالنا كما في كل مرة لتكون مجرد أزمة عابرة، لكن هذه المرة ربما يكون التحدي أكبر في اختبار مدى القدرة على وضع آلية جدية ومدروسة على مستوى ما نعانيه من ضعوط، وبالتالي يتطلب الأمر قراءة عميقة وتوظيفاً صحيحاً على مختلف الصعد، للتخفيف من فاتورة الهدر والنهوض في مختلف القطاعات، وأعتقد أن مثل هذه المحن يجب أن تسهم في انزياح من هو فاسد وأيضاً من هو غير قادر على أن يقدم أو ينتج ما يساعد على تجاوز الأزمة سواء كان في القطاع العام أو الخاص، وتضامن الأصدقاء واستمرار المطالبة بفك الحصار والعقوبات الجائرة على بلدنا وشعبنا.
الكنز-رولا عيسى