هل ثمة اختلاف بين ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية، وبين تلك الأحداث التي جرت في المنطقة العربية بتخطيط ورسم من الإدارة الأميركية ذاتها تحت مسمى الربيع العربي؟
وهل للولايات المتحدة الأميركية خصوصية في مجريات الاحتجاجات والتظاهرات التي ستنهي أسبوعها الثاني دون بادرة أمل في احتمال توقفها؟
وهل للمجتمع الأميركي خصوصية ما تجعله قادراً على تجاوز تبعات هذه الحادثة العنصرية، علماً أنها قد تكررت سابقاً دون أن تفضي إلى ما يحدث اليوم؟
طبعاً لست في صدد من يتمنى للشعب الأميركي أو أي شعب في العالم الوقوع تحت ضغط عامل الفلتان الاجتماعي الذي يفضي إلى الفوضى والدمار والنهب والسرقة، ما يؤدي إلى انتشار القتل والتدمير والخطف، كما أفضت سياسات الولايات المتحدة في سورية وغيرها من الدول العربية بهدف تجويعها وتدميرها ونهب خيراتها وثرواتها وربطها بسياساتها العدوانية، كما أنني كسوري لست في وارد التشفي بمرارات الشعوب ومعاناتها، لكن للإدارة الأميركية في ظل قيادة رئيس كالرئيس دونالد ترامب حديث آخر باعتبارها تفتح أبواباً لاحتمالات أبعد من الخيال .
يشير مسار الاحتجاجات والمظاهرات وردود الفعل القائمة على الاعتقال واستخدام العنف والتهديد باستخدام السلاح الحي ضد المحتجين، يشير إلى أن هذه الموجة لن تتوقف، بل على العكس قد تتبعها موجات أوسع وأكثر قوة وعنفاً ما دامت العقلية المتسلطة والعدوانية تحكم الرئيس ترامب وإدارته البعيدة عن الواقع، باعتبارها اعتادت أن تقدم النصائح والمشورات والتوصيات لغيرها ولا تمتلك النصح لذاتها.
ثمة قوة كامنة في مسار التطور البشري والاجتماعي تمثل الطفرة في صيرورة ذلك التطور تحدث فجأة في زمن مفصلي غير محكوم بالنظام العام فيحدث التقطع والتغير والانقلاب غير المتوقع، وهذا ما حصل مع سقوط الاتحاد السوفييتي، كما حصل مع انهيار جدار برلين وانفراط عقدة المنظومة الشيوعية وانحلال حلف وارسو وبدء تشكل خريطة سياسية جديدة.
لقد حدث هذا الأمر نهاية العقد التاسع من القرن الماضي فاتحاً الباب أمام نظريات كبرى، كنهاية التاريخ وصراع الحضارات والتبشير بالقرن الأميركي كشكل يحرك العالم ودوله جميعها خلف القاطرة الأميركية.
ويبدو أنه في ظل تلك الحالة من الوهم ضاعت البوصلة عن أذهان دهاقنة الإدارة الأميركية التي دخلت مرحلة التعالي واستصغار الغير بمن فيهم تلك المجموعات والتجمعات الملونة داخل الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي قد يفسر الذهنية التي تدار بها الأزمة من جانب الإدارة الأميركية المركزية وتناقضها مع بعض حكام الولايات التي يحكمها ديمقراطيون، فهل هناك من يتنبه لتلك اللحظة الهاربة من المسار المنطقي والمتخفية عن أذهان المخططين، فتحدث الهزة والانقلاب والتغيير الخارج عن السياق.
وتبقى حقيقة ذات فعل كبير في السياق الأميركي صنعتها الإدارة الأميركية بنفسها بهدف السيطرة على كل العالم دون أن تعرف أنها قد تنقلب عليها، وهي تعميم فكرة العنف في جميع أعمال هوليوود الفنية، بحيث يغدو القتل والخراب والتفجير وسرقة المصارف والمؤسسات الكبرى أمراً عادياً وممارساً يومياً، وهو ما تجني نتائجه الإدارة المتسلطة والعدوانية في واشنطن اليوم.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد