ليس جديداً أن تحتل الموسيقا حيزاً كبيراً في تفاصيل حياتنا ونحن من دوّن أول نوتة موسيقية وكانت لحنا للخلود تستمتع بعذوبته شعوب الأرض قاطبة، وليس جديداً أيضاً أن تكون الموسيقا خياراً هاماً يتحدى كل صعوبات الحياة وقسوتها وخصوصاً في ظل انتشار ذاك الوباء الكوروني الوافد وما خلفه من ظروف صحية ونهج حياة جديد لتحقيق سلامة الجميع.
وقد وجدت وزارة الثقافة في سحر الموسيقا وعذوبتها وسيلة خلاّقة للتعبير وبث رسائل المحبة والتقدير والوفاء لأصحاب الأيادي البيضاء، الذين بذلوا قصارى الجهد من أجل حماية وصون صحة الناس جميعاً، فكان مشروعها الذي أطلقته تحت عنوان: “الثقافة في بيتك” حيث خرجت الموسيقا من برجها العاجي لتحل ضيفة في ساحات المشافي وبعض المواقع الأثرية، تحكي صمود وتضحيات شعب خبر معنى أن تكون الثقافة هوية وأصالة ودعوة إلى عالم يسوده الأمن والسلام.
وإن كانت مواقع التواصل والبث الإلكتروني هو نافذتها إلى العالم، فقد باتت نافذة مفتوحة لشرائح الناس كافة، عين على الموسيقا، والعين الأخرى على كلّ من صان حدود البلاد وكان نقطة مضيئة في سفر التضحيات والخلود، وعلى كل من ساهم في حماية الناس من انتشار الوباء وحافظ على صحتهم.
هذا المشروع الموسيقي الذي بدا لافتاً للأنظار فتح باباً جديداً من الإبداع تساهم فيه فرق موسيقية وأوركسترا وطنية إيماناً منها بأن الموسيقا لاتزال تشكل مرآة حقيقية لحضارة الشعوب، كما عبر عن ذلك الفيلسوف كونفوشيوس، ففي زمن بات التباعد في المكان مطلباً وقائياً، تأتي الموسيقا لتعيد إحياء نبض القلوب على إيقاعاتها المعطرة بعبق الحياة.
ورغم ما شاهدناه في المجتمعات من توقف للعديد من الأنشطة والفعاليات المجتمعية، تبقى الثقافة في غير رافد لها وغير مؤسسة وجهة تفتح بدروبها الواسعة آفاقا جديدة نحلّق من خلالها في عالم الفضيلة، ونسمو بروح العصر لنرسم على إيقاع الموسيقا صفحات جديدة في حياة ملؤها التجدد والعطاء لتزهر ياسميناً سورياً يفوح عطره على الكون جميعه.
فاتن أحمد دعبول – رؤية