ثورة أون لاين- فاتن عادله:
التصدي للعنصرية يبدو أنه سيكون كحلم واهم لن تقوم له قائمة حقيقية في الولايات المتحدة الأميركية، ومطالب المحتجين اليوم لإصلاح القوانين وتحقيق العدالة بسبب عنف الشرطة الأميركية سيكون أيضاً كسراب، وهو ما يتجدد تأكيده من خلال تمسك المسؤولين الأميركيين بنهجهم العنصري، وعدم الرغبة في التخلي عنه رغم كل احتجاجات الغضب التي تعم الشارع الأميركي لتحقيق العدالة.
آمال المحتجين الأميركيين بإصلاح جهاز الشرطة القائم على غريزة القتل والعنف، تبددها تمسك الرئيس دونالد ترامب بأفعال الشرطة وجرائمها وعنصريتها ضد السود وافتخاره بها، ومع حالة الجدل الدائرة اليوم داخل أركان السلطة الأميركية حول إصلاح جهاز الشرطة، يصر ترامب على التمسك بتمويل إدارات الشرطة في البلاد، حيث قال في اجتماع لمسؤولي وكالات إنفاذ القانون الاتحادية والمحلية في البيت الأبيض: “لن يكون هناك خفض للتمويل، ولن يكون هناك تفكيك لشرطتنا”، حتى منافسه جون بايدن الذي يزعم أنه متعاطف مع الاحتجاجات ضد عنصرية الشرطة، يشاطر رأي ترامب، ويزيد على ذلك بالمطالبة برفع قيمة التمويل المخصص للإدارات الشرطية.
مشروع القانون الذي طرحه بعض النواب داخل الكونغرس لمكافحة العنف والظلم العنصري الذي ترتكبه الشرطة بات على المحك، وينتظره الفشل في ظل العنصرية المستشرية والمتصاعدة لدى نظام الحكم الأميركي، وفي ظل سيطرة المشرعين الجمهوريين على مجلس الشيوخ والذي يحتاج أيضاً في النهاية إلى توقيع ترامب ليصبح قانوناً.
الأمر لم يتوقف على ترامب، حتى بعض الديمقراطيين المعتدلين نأوا بأنفسهم عن الاقتراح، وقد تهكم المحتجون على جاكوب فري، رئيس بلدية منيابوليس في مطلع الأسبوع بعد أن أبلغهم معارضته لمطالبهم بإجراء تخفيضات في إدارة الشرطة في المدينة على إثر جريمة مينابوليس العنصرية.
من هنا فإن إصلاح الشرطة الذي يشكل خطوة أميركية مهمة لاقتلاع جذور العنصرية يظهر أن طريقه سيكون طويلاً وشاقاً، ولن يؤتي ثماره بإحداث تغيير عميق لصالح المواطنين الملونين الذين يأملون بالحصول على العدالة والمساواة، وهذا ما عبرت عنه رئيسة المجلس البلدي ليزا بيندر لشبكة “سي.إن.إن” بقولها: “نحن ملتزمون بتفكيك أجهزة الشرطة في مدينة مينيابوليس وإعادة بناء نموذج جديد للسلامة العامة يضمن فعلا أمن مجتمعنا، وذلك بالاشتراك مع مواطنينا”، لكنها أكدت أن مجلس المدينة يعتزم أيضا درس سبل استبدال جهاز الشرطة الحالي، لكن فكرة عدم وجود قوة شرطة ليست بالتأكيد مشروعاً قريب الأمد.
رغم حالة الجدل القائمة بين مؤيد ومعارض وللقانون، فإن المحاولات لا تزال مستمرة وهناك رغبة عالية بأن تثمر هذه الاحتجاجات عن تمرير مشروع القانون الإصلاحي، وهو عبرت عنه النائبة كارين باس عضو الحزب الديمقراطي وزعيمة كتلة النواب ذوي الأصول الأفريقية في الكونغرس بقولها: “الوقت حان لتغيير ثقافة الشرطة في الكثير من الإدارات”، وتأمل في أن تؤدي موجة الاحتجاجات السلمية إلى حد كبير إلى زيادة الضغط على المشرعين ليتحركوا، كأساس من أجل إحداث التغيير الذي يحتاج الأميركيون إلى تحقيقه.
