ثورة أون لاين – بقلم مدير التحرير – أحمد حمادة:
ليس جورج فلويد وحده من صرخ بوجه جلاده مستغيثاً: (لا أستطيع التنفس.. أرجوك ارحمني)، وليس الأميركيون السود من الأصول الإفريقية وحدهم من يستغيثون على مدار الأيام ويصرخون (لا نستطيع التنفس.. ارحمونا)، وليسوا وحدهم من يعانون الاضطهاد على أيدي إخوتهم في المواطنة (إخوة العنصرية)، ممن يتبجحون ليل نهار بحماية حقوق الإنسان ويتاجرون بمآسيه.
وليس السوريون، الذين غزت أميركا أرضهم، ونهبت نفطهم، وحرقت قمحهم، ودمرت مدنهم، وأدخلت كل عتاة الإرهاب إلى قراهم، ليسوا وحدهم من منعت عنهم الدواء والغذاء وحاصرتهم وتبجح مسؤولوها بنجاح جريمتهم بحقهم، بل هناك الكثير من الشعوب التي مارست أميركا بحقها أبشع أنواع التمييز العنصري والقتل والحصار والعقاب، والأمثلة أكثر من أن تحصى والقائمة تطول، وهاكم جارتا أميركا فنزويلا وكوبا خير شاهد، فالجار أولى من غيره بالقتل والخنق في عرف أميركا ودساتيرها.
وليس جيران أميركا وحدهم من دفعوا ثمن هذه السياسات الإجرامية على يدي السي آي إيه والبنتاغون وتجار السلاح والحروب ومصاصي الدماء، بل بات العالم كله يصرخ بوجه الدولة العظمى التي امتهنت قتل الشعوب وغزوها ونهب ثرواتها، وباتت البشرية تستغيث من جرائم هذه الإمبراطورية الاستعمارية ووحشيتها.
والمفارقة الأكثر من صارخة وساخرة أن العالم ليس وحده من يقول إن أميركا عنصرية ويصفها بأبشع الصفات بل بات الصحفيون والدبلوماسيون والسياسيون الأميركيون أنفسهم يقرون بهذه الحقيقة، وهذا نائب الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية القادمة جو بايدن يقولها بالفم الملآن، بل ويتاجر بها: (إن التمييز العنصري الممنهج موجود في كل مفاصل المؤسسات الأميركية وليس فقط في الشرطة وهيئات الحفاظ على القانون).
وهذه صحيفة واشنطن بوست وأخواتها، التي كانت تسوق لجرائم أميركا في العالم، تنقل على صدر صفحاتها أبشع الصور عن الممارسات العنصرية لأميركا بحق مواطنيها لأنهم طالبوا بأبسط حقوقهم المهضومة، وهذه محطات تلفزتهم توثق بالفيديو والكلمة والصرخة والوثيقة جرائم أميركا التي طالما اعتبرت نفسها ممثلة (الحريات) في العالم والمدافعة عنها في براري القارات وحتى في أعماق المحيطات والبحار.
العالم كله لا يستطيع أن يتنفس بكل حرية، ولا أن يعيش الأمن والأمان والاستقرار والإنتاج والصناعة والزراعة، العالم كله من أقصاه في الصين إلى أقصاه في غرب القارة الأميركية يصرخ بوجه أميركا وجلاديها كفاكم قتلاً ودماراً وحصاراً ونهباً للثروات، كفاكم متاجرة بحقوق الإنسان وأنتم أول من تنتهكون حقوقه وتقتلونه، كفاكم كذباً على شعبكم وشعوب الأرض بأنكم واحة الحرية والديمقراطية في هذه المعمورة مترامية الأطراف!!.
