حالة من التناقضات

تعيش أسواقنا المحلية تناقضات ملحوظة، ففي وقت يتحسن فيه سعر الصرف لصالح الليرة يزداد عرض بعض السلع عن حاجة السوق، كالألبسة والحمضيات ومشتقات الألبان، حيث حافظت أسعار هذه السلع على الارتفاع، في حين تشهد السلع نادرة الوجود، ارتفاعاً غير مسبوق، الأمر الذي أحدث معاناة للناس من ارتفاع غير منطقي في الأسعار، ويزداد هذا الارتفاع بشكل مطّرد مع كل حدث يطرأ منذ ما يزيد على عشر سنوات، فمع كل أزمة أو مشكلة عالمية من كورونا أو انهيار أسعار النفط أو غيرها، نفاجأ بزيادة في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وحتى الكمالية، وباعتقادنا أن المشكلة يتحملها التجار وجشعهم، بمعنى أدق هي مشكلة تجار فقط لا غير، وهم من يتلاعبون بالأسعار نتيجة الطلب الزائد، وهذا ما جعلهم يرفعون الأسعار، ولا يوجد هناك أي شيء منطقي لارتفاعها في الحقيقة، ناهيك عن عدم وجود من يردعهم .

فحالة الغلاء المسيطرة على السوق مردها أن التجار يدعون أنهم استوردوا المواد بأسعار مرتفعة وهم غير صادقين، وذلك من خلال عمليات التزوير التي يقومون فيها بالتواطؤ مع بعض الموظفين الذين يمنحونهم إجازات استيراد غير مطابقة للإجازات الصحيحة، ناهيك عن كون تلك المواد مستوردة منذ مدة ليست بالقصيرة، بمعنى أن أسعارها قبل ارتفاع سعر الصرف، وخاصة إذا ما علمنا أن تاريخ استيراد المواد قديم لكن حالة التلاعب التي يمارسونها بإجازات الاستيراد تدفعهم لوضع السعر حسب سعر الصرف الدارج.

ونحن هنا نطالب «التجارة الداخلية وحماية المستهلك» القيام بدورها الذي يكشف حالة التلاعب بهذه الفواتير غير المطابقة لإجازات الاستيراد الحقيقية، الأمر الذي يدفع هؤلاء التجار لتحديد الأسعار التي تناسب جيوبهم التي باتت متخمة من جيوب الناس الفقراء.

 باعتقادنا الواقع العام للأسعار في أي بلد يتعلق بمجموعة من العوامل، يمكن اختصارها بشكل مبسط بالدخل والقوة الشرائية للعملة المحلية، ونحن نعاني من حرب وإرهاب لما يزيد عن عشر سنوات، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية كبيرة، كل هذا أدى إلى تراجع في الدخل من ناحية، وفي القوة الشرائية لليرة من ناحية أخرى، وفي العموم أدى إلى ضعف إمكانات الطلب، بالإضافة إلى مشكلات في العرض، دت إلى نشوء حالة من الاحتكار والانتهازية والاستغلال لدى بعض التجار.

 ونحن ببساطة نقول: إذا كانت «التجارة الداخلية» جادة في وضع حد لحالة الغلاء فبإمكانها الكشف على مستودعات التجار ومعرفة تواريخ استيراد المواد الموجودة فيها وتحديد سعرها في ضوء تاريخ استيرادها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية العمل على فتح أي محل أو مستودع يحاول صاحبه أن يغلقه مع فرض أشد العقوبات، ونعتقد أن مثل هذا الإجراء يدفع أصحاب المحال إلى عدم إغلاقها أمام المستهلكين.

بكل الأحوال المشكلة مشكلة تجار فقط لا غير، وهم من يتلاعبون بالأسعار نتيجة الطلب الزائد وهذا ما جعلهم يرفعون الأسعار، ولا يوجد هناك أي شيء منطقي لارتفاعها في الحقيقة، وخاصة في أغلبيتها من إنتاجنا المحلي، ونعتقد أن الحكومة الآن تعمل على فرض حالة من التوازن على السوق وتأمين السلع الأساسية للمستهلك بمستوى مقبول من الأسعار .

حديث الناس – إسماعيل جرادات

 

آخر الأخبار
خطوة ذهبية باتجاه "عملقة" قطاع الكهرباء بين واشنطن وموسكو وبكين.. دمشق ترسم سياسة خارجية متوازنة مشاعر الأمومة الفطرية والتعلق المرضي... أين الصواب؟ شباب اليوم.. طموح يصطدم بجدار الفرص المحدودة الصين تعلن استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا الأوجاع المؤجلة.. حين يتحوّل الصبر إلى خطر "سوق الجمعة".. اقتصاد شعبي وسط الضجيج إدمان الإنترنت.. التحدي الرقمي للشباب كيف نتعامل معه؟ "صناعة حلب" تواصل استعداداتها لانطلاق "مهرجان التسوق" سوريا تبدأ موجة من الدبلوماسية القوية بعد سقوط الأسد استياء شعبي بعد رصد صورة لـ "المخلوع" داخل "تربية حلب" الانتخابات في سوريا.. الوزير الشيباني يطرح ملف الشرعية الشعبية إنتاجية زيت الزيتون بدرعا في أدنى مستوياتها.. وأسعاره تتجاوز المليون ليرة ارتفاع أسعار الألبسة الشتوية.. بين محدودية الدخل و"الهروب إلى البالة" لا زيادة على الغاز: "الطاقة" تؤكد وفرة المخزون واستقرار الأسعار بعد دخولهم المياه السورية بطريقة غير قانونية.. دمشق تسلّم 17 لبنانياً إلى بيروت الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أربعة شبان سوريين بعد اقتحام القنيطرة 600 مربي ماشية في عندان وحريتان استفادوا من مشروع دعم الأعلاف حلب بين نار الغلاء وبارقة تخفيض المحروقات.. فهل تُلجم الأسعار ؟ الأمطار أنقذت المحاصيل الشتوية وأوقفت أعمال الري بطرطوس