لطالما كان مشروع التأمين الصحي محط اهتمام ورعاية كاملة من قبل الدولة لأبعاده الاجتماعية الحقيقية وبالتالي أي فشل ممنوع التعاطي معه رغم كل العراقيل التي رافقته منذ بدايته، والأكثر من ذلك فهو حتى هذه اللحظة البديل عن الضمان الصحي الشامل الذي لم يولد بعد.
قرار رئاسة مجلس الوزراء بتعديل تعرفة بوليصة التأمين الصحي للعاملين في الدولة “القطاع الإداري” والذي تم من خلاله رفع سقف التغطية الطبية التأمينية داخل المشافي إلى ٦٥٠ ألف ليرة بدلاً من ٥٠٠ ألف ليرة مع فتح سقف حركات استخدام بطاقات التأمين خارج المشفى دون أي قيود، وزيادة اقتطاع ما يدفعه الموظف بشكل شهري شكل ارتياحاً لدى البعض الذي رأى فيه تقديم خدمة تأمينية أفضل خاصة وأنه لن يحمل المؤمن الفروقات السعرية الناتجة عن تلك الزيادة، في حين اعتبر البعض أن الأمر متروك لمدى استجابة الجهات المقدمة لتلك الخدمات وهل ستلتزم بالتعرفة الجديدة؟.
الكرة اليوم في ملعب تلك الجهات وخاصة أن الجهة المسؤولة عن هذا الملف ممثلة بهيئة الإشراف على التأمين قدمت مشروعاً متكاملاً لإدارة هذا الملف وفق أسس ومعايير مدروسة بدقة، للوصول إلى شبكة تخديمية بأقساط معقولة تتناسب مع الأطراف كافة والهدف من ذلك كله الحفاظ على صحة المواطن للوصول فيما بعد إلى ضمان صحي شامل لا يقف عند الموظف فقط بل سيمتد ليشمل أسرته.
قد يقول أحدهم إن هذا كلام نظري والعبرة بالتطبيق خاصة مع الارتفاعات اليومية للمستلزمات الطبية نتيجة عدم استقرار سعر الصرف، لذلك سيتم تقييم التعرفة الجديدة مع نهاية العام الحالي أي بعد ستة أشهر من تطبيقها لتجاوز أي ثغرات قد تعترضها وتلمس مدى قبولها لدى المؤمن والجهات المقدمة لتلك الخدمات التأمينية الصحية.
والترجمة الفعلية أعلنتها هيئة الإشراف على التأمين مباشرة حيث سيتم استقبال كافة الشكاوى ومعالجتها اعتباراً من بداية الشهر القادم “موعد التنفيذ ” ولن يكون هناك أي تهاون في حال امتناع مقدمي الخدمات عن التعامل مع التغطية الجديدة.
قد يكون الأهم من كل ذلك الانطلاقة بهذا المشروع رغم كل الظروف الراهنة خاصة، وأنه يأتي مع تحديات صحية للوصول إلى نظام صحي شامل فنجاح أي مشروع يحتاج إلى العمل الحقيقي وتوزيع المخاطر وهذا الهدف من مفهوم التأمين بشكل عام لذلك نحن أمام تحد حقيقي ستظهر نتائجه قريباً.
الكنز – ميساء العلي