افتتاحية الثورة -بقلم رئيس التحرير-علي نصر الله:
حتى من الوَسط الدولي الذي يُناصب سورية العداء ويَنخرط بالعدوان الذي يَستهدفها، خَرجت أصوات مُعارضة انتقدت بشدة ما يُسمى قانون قيصر الأميركي، بكونه: أداة لمُواصلة الحرب والعدوان، أداة للابتزاز السياسي، أداة للجريمة التي تُمعن واشنطن بارتكابها ضد الشعب السوري، وأداة للضغط على حلفاء سورية، فضلاً عن الانتقادات التي رَكزت على رفض استخدام العقوبات والحصار ورقة لتحقيق غايات سياسية إمبريالية!.
دائرة الرفض والتنديد بالعقوبات الأميركية – الأوروبية أحادية الجانب كبيرة مُؤهلة للاتساع والتعاظم بسبب ما تَقدم ذكره، ولأسباب أخرى تتعلق أصلاً بسلوك الولايات المتحدة، وبنهجها في الهيمنة والبلطجة كسياسة رسمية تَعتمدها حتى مع حُلفائها في القارّة العجوز وخارجها.
الرفض الواسع للعقوبات الغربية الأطلسية والتنديد بها، لو تمّ اتخاذه مُنفرداً لكان بمنزلة النقض العلني والتفنيد القوي لكل ما وُظف من أكاذيب أتت بسياقي: “قيصر”، والتمديد الأوروبي الأخير للعقوبات، فكيف سيكون الحال فيما لو تم تَناول نصوص “قيصر” المملوءة فضائح تُعري أميركا وأوروبا معاً؟!.
نصوص “قيصر”، بنوده، مُكوناته، ما هي إلا الإناء الذي يَنضح بقذارة السياسات الأميركية، وما هي إلا الدليل القاطع على أنّ مُعديه هم جوقة نفاق ولمةٌ تَجمع قادة إرهاب دولي مُنظم تَمتهنه واشنطن، لا علاقة لهؤلاء بأي صفات يُفترض تَوفرها بالسياسيين أو بالمُشرعين، بل تتطابق حالهم مع ما يَتصف به المجرمون واللصوص وقُطاع الطرق.
تَزدحم الأكاذيب وأساليب النفاق في مُحتوى “قيصر”، وإذا وصل المُطلع إلى نهاياته فَسيكتشف ما هو أعظم من النفاق والكذب، وسيَضع يده على الغاية التي يَنطوي عليها، وسيَتعرف إلى رزمة الأهداف التي تَجري مُلاحقتها، لتَتضح أمامه الحقيقة كلها مرّة واحدة!.
نتحدث عن جُزئية في نصوص “قيصر”، تلك التي تُورد مُوجبات التجميد والإلغاء، أو تَعليق العمل به، أي الشروط التي إذا تَحققت فإنه يَصير لاغياً، ما هي؟.
لن نُعددها، وسنَدع فُرصة الكَشف والاكتشاف مُتاحة للمُتابع، اذهبوا لقراءة “قيصر” لتَقعوا على النفاق والفجور الأميركي كُله يَكاد يَجتمع في هذا النص الذي يُسمونه قانوناً!!.
ستُجمّد الولايات المتحدة “قيصر”، أو تُعلق العمل به، فقط إذا تَخلت سورية عن المُقاومة، وعن حلفائها. إذا قبلت بمُخططات الضم الصهيونية في الضفة، وإذا تَخلت عن رفض “صفقة القرن”، أي إذا قَبلت التخلي عن القضية الفلسطينية كما فعلَ الأعراب وسواهم، وإذا قَبلت الشروط السياسية الأخرى التي قد لا تتوقف عند حدود ما تُسميه واشنطن “عملية سياسية ديمقراطية” تُدخل إرهابييها إلى مؤسسات الدولة!.
أيّ أوهام تلك التي تُسيطر على ذهنية قادة الإرهاب في واشنطن؟ وأيّ أحلام يَقظة تلك التي تَأسر الرؤوس المُتصهينة الخاوية إلا من بَلطجة، والحامية المُتخمة بمُخططات الحرب والهيمنة؟ وأيّ تَوصيف هو أدق من أن يُقال عن هؤلاء أنهم يُمثلون الأنموذج والمثال على حال المُنفصلين عن الواقع؟.
عندما يَنضح إناء “قيصر” بهذا، فلا مَكان لكل الادّعاءات الكاذبة التي امتلأ بها إلا حاوية قمامة تُشبه رؤوس مُعدّيه والمُشاركين بصياغته واعتماده تَصويتاً وتَوقيعاً، وسيَكتشف هؤلاء جميعاً، وكل من يَلتحق بهم، كم كانوا واهمين، وكم كانت حساباتهم وتقديراتهم كارثية!.
سورية الصامدة المُنتصرة، أصلب وأقوى اليوم، تُتقن الرد على أصحاب “قيصر” وعلى المُلتحقين به. ومع حلفائها وأصدقائها ستَكسر سهم العقوبات، وتُمزق ما بَقي من مُخططات استهداف.. راقبوا مَصير “صفقة القرن” من بعد هزيمة أذرع الإرهاب الأميركي!.