ربما صار تكرارا أن نرصد تحديات الإنسان اليومية وعلى الصعد كافة، وخصوصاً أن الكثير منا عاش قسوتها وذاق مرارة طعمها ولايزال، فالإنسان اليوم يقع بين فكي كماشة، العقوبات الظالمة من جهة، و ظلم ذوي القربى من جهة أخرى، وظلم ذوي القربى لاشك أشد وأقسى، علما أن التاريخ لطالما أجاد علينا بصور مشرقة للشعوب كيف تتعاون في الأزمات لتصد عنها الضربات القاسية، ولكن مايحدث في غابتنا البشرية اليوم لم نشهد له مثيلاً في ذاكرتنا البشرية.
واليوم والحال كما نشهده ورغم قتامته وزحمة تحدياته يتسلل إلينا بريق الحياة عبر مانشاهده من عودة الحياة إلى منافذنا الثقافية وأنشطتها المعتادة من الندوات والحفلات الموسيقية ومهرجانات السينما فيما يخص المواهب الشابة التي تشكل في مضمونها لبنة هامة لتكريس الفن السابع ومايحمله من فعل توثيقي هام للأجيال القادمة.
ورغم مانحمل من كم الوجع والهموم أيضا، لاتزال دروب الأمل والحياة مفتوحة نتزود فيها من طاقات كامنة في قلوبنا وعقولنا يحدونا عشق الحياة ونحن أبناء الحياة، ومن يتابع أجندتنا الثقافية يجدها عامرة بأعمال بعضها أصبح واقعاً نراه يتربع على المنابر، والبعض الآخر في طور الاستعداد والتحضير.
وأكثر مالفتني في تلك الأجندة التحضير لندوة الترجمة وأهمية أن نغوص في عقل الآخر ونتعرف عليه أدباً وفكراً وكيف يحاول هذا الآخر أن يغزو بلادنا ثقافياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً، وشتان مابين مجتمع يعيش الرفاهية ويكتب من برج عاجي وبين من يشاركنا المشاعر والهموم.
وعندما تكون الترجمة فعل ثقافي، فهي في الآن نفسه فعل إنساني يعمل على التقارب بين الشعوب وخلق نوع من التفاهم وتبادل المعلومات وإظهار الحقائق التي يسعى البعض إلى تشويهها، وما أحوجنا اليوم إلى تضافر الجهود جميعها لبناء ثقافة متينة لمواجهة ذاك الزحف العولمي الذي يحاول أن يغزو مجتمعاتنا ليفرغها من مضامينها القيمية، مستهدفاً عقول الشباب بإغراءات زائفة وأوهام لا طائل منها ..
ولايختلف اثنان أن طوق النجاة يكمن في إنتاج ثقافة فاعلة تستطيع أن تكون علامة فارقة وتشكل نقلة نوعية في المشهد الثقافي المحلي والعالمي.
فاتن أحمد دعبول – رؤية