إفتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
“قيصر” كصيغة للحرب الاقتصادية، وكأداة تُستخدم في إرهاب الشعوب والحكومات ولزعزعة استقرار الدول، وكوسيلة لمُمارسة الضغط والابتزاز سياسياً -وهو كذلك- فهو لا يَنطوي فقط على ما تَقَدّم، بل هو امتداد للحرب وانعكاس للهزيمة وترجمة دقيقة وحقيقية للقلق الذي يَلف الولايات المتحدة.
“قيصر” هو آخر ما حُرِّر أميركياً ضد سورية، هذا صحيح، لكن بجردة سريعة للخطوات الأميركية المُماثلة، نَجد أنه يَعكس حالة أميركية مُستدامة لا طارئة، إذ هناك ما حُرِّر ويُحرَّر في الكونغرس ضد روسيا، كوبا، فنزويلا، كوريا، إيران، الصين .. حتى ضد حلفاء وشركاء أميركا في الغرب والشرق. ما الذي يَعنيه ذلك؟ وما الذي سيُؤدي إليه بالضرورة؟
إذا كان من مَعانٍ أُخرى غير تلك التي أُشير إليها أعلاه، فإنّ المعنى الأكثر وضوحاً هو أن القلق الأميركي المُتعاظم على المَكانة دفعَ واشنطن وسيَدفعها لارتكاب حماقات إضافية تُسرع إنضاج التغيير الحاصل في المَزاج العالمي بالضد، وخلافاً لما تَبحث عنه أميركا المُتوترة الخائفة، المُتقدمة نحو حافة الهاوية بتسارع كبير.
في أميركا والغرب هناك ما يُطلق عليه مجموعات الضغط، فبمُقابل “أيباك” اللوبي الصهيوني كأكبر مجموعة ضغط تُخضع الرؤساء والإدارات الأميركية للرغبات والمُخططات الصهيونية، هناك مجموعات ضغط أخرى تتحرك باتجاهات مُختلفة، وتَنشط على محاور مُتعددة، من الواضح أنها بازدياد كعدد، وكأثر تتركه، أو تَضغط به على السياسات الأميركية الإمبريالية المُتصهينة.. هذا جُزء من التغيير الحاصل بالمزاج، وهو ما يجب رصده وتعزيزه.
في الغرب “القارة العجوز” أيضاً بات من المُلاحظ أن مجموعات الضغط تَنمو، تَكبر، يَرتفع صوتها يوماً بعد آخر، وخصوصاً بعد تَكشّف الفضائح المُشتركة الأميركية – الأوروبية، تلك المُتصلة بكذبة الديمقراطية، فضلاً عن الأكاذيب المُتعلقة بحقوق الإنسان، وقد عَرّت جريمة مينيابوليس العنصرية أميركا، ولم تُبقِ عليها ما يَستر عوراتها!.
بالتأكيد سيَتصاعد أمر التغيير في المزاج العالمي ضد بلطجة الولايات المتحدة وضد مُمارساتها العنصرية الإجرامية، وسيُفتضح أمرها على نحو يُهددها في مُستقبلها ومَكانتها، بل قد يَحمل ما هو أعظم وأكبر، ذلك مع جُنونها وذَهابها لارتكاب حماقات كُبرى في أربع جهات الأرض هي في طور الإعداد لها.
إذا كان الوقت سيَطول، أو إذا كانت واشنطن تُحاول جَعله يَتطاول للحيلولة دون نضوج التغيير الشامل بالمزاج العالمي الذي من شأنه أن يُفقدها الكثير مما تَخشى فقدانه، فإنّ المنطقة، محور المقاومة لا يَنتظر، لا يُراهن، بل يَعمل ويُراكم عوامل القوة والانتصارات، وربما سيَثبُتُ للآخرين قريباً أنّ أهم العوامل التي دَفعت وتَدفع باتجاه التغيير الحاصل بالمزاج العالمي، هو ما أنتجته سورية بصمودها الأسطوري المَدعوم من الأصدقاء والحلفاء.. وعلى المُشككين انتظار ما هو قادم، فإخراج أميركا من المنطقة ليس شعاراً فقط