عكاز الإرهاب يبقى الرهان الأبرز لمنظومة العدوان وأدواتها، صحيح أن الولايات المتحدة لجأت إلى أسلوب عدواني أشد وطأة يتمثل بالعقوبات الجائرة، وما يرافقها من إجراءات وحشية لجهة سرقة ثروات السوريين وحرق محاصيلهم الزراعية، ولكن كل ذلك يصب في النهاية لخدمة الإرهاب، وتقوية شوكة ما تبقى من تنظيمات إرهابية، لإعادة الأمور إلى المربع الأول، حيث الاستمرار باستنزاف قدرات الجيش العربي السوري يبقى المطلب الصهيوني الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة، التي تواجه فيها المنطقة تحديات كبيرة، وفي مقدمتها المحاولات الصهيو-أميركية الحثيثة لتمرير “صفقة القرن”.
مع كل إنجاز يحققه السوريون، يزداد مشغلو الإرهاب شراسة لتعطيل مفاعيل الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في الميدان، والتصعيد الإرهابي في إدلب، على مسافة أيام قليلة من انتخابات مجلس الشعب، له الكثير من المدلولات التي تشير إلى نيات أولئك المشغلين بالتشويش على هذا الاستحقاق الدستوري، أو محاولة تعطيله، لاسيما أن تصعيد الإرهابيين تزامن أيضاً مع سيل من الضغوط تمثلت باستغلال منظومة العدوان للأوضاع الإنسانية للمضي باستهداف الدولة السورية، وزيادة حجم المساعدات للتنظيمات الإرهابية، وأيضا استخدام “حظر الكيميائية” كمنصة عدوان يمرر من خلالها الغرب الاستعماري أجنداته الخبيثة، وكل ذلك لا ينفصل عن نهج منظومة العدوان المتواصل في دعم الإرهاب.
لم تمض بضعة أيام فقط، على اجتماع الدول الضامنة لـ”آستنة” والتي جددت تأكيدها على الالتزام بوحدة واستقلال وسيادة وسلامة الأراضي السورية، وضرورة دحر الإرهاب، وأنه لا بديل من الحل السياسي، ولكن نظام أردوغان سرعان ما يتملص من التزاماته كما هي العادة، لانعدام النية لديه بفك ارتباطه بالمشروع الأميركي والصهيوني، لاسيما أنه لا يزال أسير أطماعه التوسعية في سورية، ودول المنطقة، ولطالما شكلت له إدلب التي يحتلها، قاعدة لشن اعتداءاته على مواقع الجيش العربي السوري، والمناطق المحررة المحيطة، لما تمثله إدلب اليوم من مأوى لأشكال متعددة من التنظيمات الإرهابية، معظم ولاءاتها للنظام التركي، ما يجعلها ورقة ضغط وابتزاز بيد الإرهابي أردوغان، يوظفها باستمرار حيثما يريده مشغله الأميركي، ووقت ما يشاء، وهو ما يجعل من كل الاتفاقات حول إدلب مع الجانب الروسي بحكم الساقطة عسكرياً بفعل الانتهاكات التركية، وهذا يستوجب من الضامنين الروسي والإيراني ممارسة المزيد من الضغوط على نظام أردوغان، لأن صبر الدولة السورية، وجيشها البطل لن يبقى مفتوحاً إلى ما لا نهاية.
منظومة العدوان منكبة اليوم على كيفية تأجيج الأزمة أكثر فأكثر، وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، من خلال إعادة توزيع الأدوار بين أدواتها وتنظيماتها الإرهابية، وتتوهم أنها قادرة على إحداث تغيير في المعادلات الميدانية من خلال عكازها الإرهابي ذاك، وهي ليست في وارد الجنوح نحو إيجاد حل سياسي ينهي معاناة السوريين، وإنما العمل على إبقائهم في دائرة الاستهداف المتواصل، لمنعهم من قطف ثمار انتصاراتهم، والبناء عليها لتعزيز مقوماتهم الحياتية والدستورية، وصولاً إلى التعافي الكامل بعد إنجاز نصرهم النهائي على الإرهاب وداعميه، ولكن منظومة العدوان تلك يغيب عن حساباتها أن سيادة سورية، ووحدة أراضيها، وقرارها الحر المستقل محرمة على كل غاز ومحتل، وأن ما عجز عنه مشغلو الإرهاب في حربهم المسعورة منذ نحو عشر سنوات لن يستطيعوا تحقيقه، مهما تمادوا بجرائمهم ودعمهم للإرهاب.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير ناصر منذر