ثورة أون لاين – ريم صالح:
هل تختلف فرنسا الاستعمارية بسياساتها العنصرية والترهيبية والقمعية ضد مواطنيها، ولجوئها بين الفينة والأخرى إلى شماعة التبريرات الواهية، عن نظام الإرهاب الامريكي العالمي، والمنظومة الغربية الإقصائية في شيء؟الجواب واضح وضوح الشمس، ففرنسا بدءاً من القابع في الإليزيه، مروراً بمسؤوليه وأتباعه في وزارة الداخلية، وصولاُ إلى سلك الشرطة، كلهم دون استثناء يمارسون عنفاً مفرطاً تجاه المتظاهرين الفرنسيين، والمعارضين لسياسات النظام الفرنسي العنصري سواء داخلياً أو خارجياً.
لذلك لم نستغرب على الإطلاق موقف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان المعين حديثا والرافض تماماً لاستخدام مصطلح عنف الشرطة، وهو هنا يحاكي بشكل أو بآخر القابعين في دوائر القرار الأمريكي في دفاعهم المستميت عن عنصريتهم ودمويتهم تجاه الأبرياء محتجين كانوا أم معتقلين.
ويبقى اللافت أن دارمانان توجه الثلاثاء الى نواب في الجمعية الوطنية بالقول إن الشرطة تمارس عنفا مشروعا، وكأن هناك عنفا مشروعا وآخر غير مشروع، متناسياً بحسب محللين أن العنف يبقى عنفاً وهو مرفوض بالمطلق في كل القوانين والأعراف قانونية كانت أو إنسانية.
ولكن دارمانان تابع بالقول: عندما أسمع مصطلح عنف الشرطة، شخصيا أشعر بالاختناق، وذلك بعد أن خسر سلفه كريستوف كاستانير المنصب ذاته قبل ثلاثة أسابيع عقب تعليقه استخدام تقنية الخنق أو الضغط على الرقبة مع المخالفين إثر موت شخصين من أصول أفريقية في حادثين منفصلين وهما قيد الاحتجاز، ثم تراجع كاستانير عن موقفه في وجه احتجاجات نقابات الشرطة، لكن جرى استبداله لاحقا.
وأقر دارمانان أمام لجنة برلمانية في الجمعية الوطنية أن الشرطة تستخدم العنف، لكنه اعتبر من وجهة رؤيته العنصرية أن هذا العنف مشروع! وأضاف يجب أن يفعلوا ذلك بطريقة متناسبة وخاضعة للسيطرة، إذا قام بذلك قلة خارج قواعد أخلاقيات المهنة، عندها يجب أن يكون العقاب فوريا.
وأثار تعيين دارمانان وزيرا للداخلية في وقت سابق هذا الشهر غضب ناشطات نسويات كونه يواجه اتهاما متجددا بجريمة اغتصاب عام 2009، لكنه ينفيها بشكل قاطع.
وواجه دارمانان بعد استخدامه كلمة اختناق فيما يتعلق بعنف الشرطة انتقادات واسعة من قبل معارضيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويواجه عناصر الشرطة في فرنسا بشكل منتظم تظاهرات لـ”السترات الصفراء” المناهضة للحكومة، وكذلك جماعات تعارض سياسات ماكرون بشأن الرواتب التقاعدية، وأخرى غاضبة من العنصرية في البلاد وخاصة في أوساط الشرطة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الموقف الفرنسي يتماهى تماما مع السياسات العنصرية للرئيس الامريكي دونالد ترامب ووزير عدله وليام بار حيث دافع الأخير مؤخراً عن حملة قمع المحتجين المناهضين لعنف الشرطة الامريكية وعنصريتها، مدعيا أن الاحتجاجات في بورتلاند وأوريغون وعدد من المدن الاميركية الاخرى لا علاقة لها بحركة حياة السود مهمة.
كما يتماهى مع الموقف الألماني والذي تبلور بشكل قاطع لا لبس فيه عندما رفض وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر منح تكليف بإجراء دراسة عن العنصرية لدى الشرطة الألمانية رغم الانتقاد الواسع في هذا الشأن.