البارانويا أو (جنون الارتياب) هي مرض نفساني إذا أصاب أي أحد فإنه يعتقد أن كل شيء يتحرك حوله هو موجه ضده . وهذا هو الوضع الحالي الذي يعيشه جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في تلك المنطقة (مزارع شبعا) حدثت المعركة الوهمية الدونكوشوتية التي ارتكبها جيش العدو الاسرائيلي متوهماً أن عناصر من حزب الله يرصدون تحركاتهم، بل قاموا بضرب آلية عسكرية، ردت عليها (اسرائيل) بقصف صاروخي على منزل مدني في قرية الهبارية، وأحدثت فيه أضراراً، وادعت أنها قتلت أربعة عناصر (فرت جثثهم ) وسرعان ما نفت ذلك، وبهذا تكون قد أضافت هدفاً جديداً للمقاومة بعد استشهاد المجاهد علي كامل محسن.
بطبيعة الحال فإن كيان العدو يعيش حالة جنون الارتياب أدت إلى ما تابعاناه في وسائل الإعلام العبرية والعربية والاجنبية، وكلها أكدت بسخرية على الحالة التي يعيشها جيش العدو وقيادته، فهم على يقين بأن الرد آتٍ حتماً، ولكن لا أحد يعرف كيف ومتى سيكون، وهذا وعد الصادق الامين. فهل انتهى الأمر عند هذا الحد، وهل ستتوقف (إسرائيل) المذعورة عن مثل هذه العمليات المرتكبة التي إذا أحسنا الظن يمكن أن نقول إنها عملية اختبار فاشلة لمعرفة كيف سيكون رد المقاومة اللبنانية؟ بالطبع لا، فإسرائيل التي فقد جيشها عقيدته القتالية منذ حرب تموز، هذا إذا كانت له عقيدة، فهو جيش مرتزقة لا يريد ان يموت. وهكذا ستستمر في حركشاتها وتحرشاتها الاستباقية إذا لم يكن خوفاً فهو استعجال للرد، فالموت سهل ولكن الصعب هو انتظار الموت.
إنّ (إسرائيل) كانت تريد أن تختبر المقاومة بعد التطورات الإقليمية والداخلية اللبنانية، فأقدمت على عدوانها الجوي وكعادته فإن الحزب لا يخفي شهداءه وقد أعلن كلّ شيء ما يؤكد أنّ شروط الردّ على العدوان متوافرة جميعها وليس بحاجة إلى قرار. .
لكن لماذا استهدفت (إسرائيل) حزب الله الآن؟ وهل تريد أن تخرج من معادلة الردع الاستراتيجي، وهل يشكل عدوانها نقطة إضافية في مسار التهيئة للحرب، أو لاستدراجه إليها في ظلّ ما يروّج من مؤثرات سلبية تحاصر المقاومة في الداخل اللبناني بعد طرح الحياد المريب؟
لقد سبق لـ (إسرائيل) أن اتخذت قراراً بالتنقيب عن الغاز في جوار البلوك ٩، وتنفيذ هذا القرار يؤثر سلباً ويعتبر تحدّياً واستدراجا لمواجهة عسكرية ،لكن (إسرائيل) وجهت رسائل غير مباشرة أوحت بأنّ القرار الإسرائيلي بالتنقيب هو قرار مستأخر التنفيذ وظيفته الفعلية الضغط على لبنان لجره إلى طاولة التفاوض فعطلت المفعول التفجيري للقرار .
مع المتغيّرات المتسارعة في لبنان والإقليم فإنّ التساؤلات عن أهداف العدوان مبررة إذ يجب البحث عن الهدف الحقيقي له بعد التحشيد المريب لجيش الاحتلال في منطقة الحدود الذي يوحي أن (إسرائيل) مستعدة لعمل عسكري.
لا شك أن من مصلحة (اسرائيل) اختبار حزب الله وقدرته أو قراره في الردّ في ظلّ انشغاله بالوضع الداخلي وإثر التدابير الأميركية الخانقة التي فرضتها على لبنان وسورية.
تواصل(إسرائيل) تنفيذ استراتيجية الضغوط القصوى لإخراج إيران وحلفائها من سورية.. ، فهل سيكون ردّ المقاومة مدخلاً للحرب ؟ طبعاً إن الرد حتمي والمقاومة ملزمة به، ومع ذلك لا نزال نرى أنّ الحرب مستبعدة الآن و(إسرائيل) قبل غيرها تعرف أنّ الحرب ليست في مصلحتها ولن تحصد منها إلا الخيبة ، وسيبقى جيش الاحتلال كما طلب سيد المقاومة (على أجر ونص).
وإن غداً لناظره قريب
معاً على الطريق- د . عبد الحميد دشتي