“ريفية بسيطة كحقل قمح ناضج”.. هكذا يرتبط الريف لدي بصورة ذهنية عن البساطة والعطاء والامتلاء حدّ التواضع، ولعل اليوم من يقومون بمبادرة “ريفنا بيستاهل” اختاروا العنوان الشائق ليس لصورة ذهنية عن الريف وحسب، بل لاستحقاق ذاتي لمناطقه التي ثارت في وجه القمع والاستبداد، وهي اليوم تعلن انتصارها على الموت، وتمسك بالسواعد والأكف البيضاء، لتكون واحدة في مرحلة إعادة الإعمار والتي تبدأ من فكرة التعاضد والتكافل، حتى لو بدأ بقُرْط أذني الطفلة “غزل” التي تبرعت بهما لمساعدة ريفها الجميل.
انتهى حفل الحملة، ولم ينته صداها بعد، بل سترسخ على أرض الواقع، ترميم مئات المدارس، وفتح مئات الأبواب الجديدة أيضاً، وهو الأهم في حملة تعزز ثقافة النور والتعلّم والانفتاح، إنها ثقافة حياة تبدأ بالتعلّق بالأرض انتماءً وبناء، نزرع الخير والأمنيات لنحصد أجمل الرجاء.
إنها ثقافة جديدة يومية تطال الجميع، والأجمل أنها تبدأ بترميم مدرسة مهدمة، اللبنة والأبجديّة الأولى في عقلية أطفالنا، وتعليمهم أننا أبناء الأرض الأوفياء لها فعلاً وقولاً، لن نتركها أو نتخلى عنها، سننفض عنها رماد الحرب والحزن، ونعيد تشكيل رياضنا الغنّاء، لأن “سوريا بتستاهل”.. إنها خارطة جغرافية واحدة، ربيعها واحد، ستبقى على مر العصور لوحة فسيفسائية تبشّر بالحياة والربيع، لوحة أجمل ما فيها الاختلاف، وأحلى ما فيها أننا متمسكون بها ومنتمون لجغرافيّتها.. ريفاً، وبحراً، وجبلاً، ومدينة.