لم تستطع تحديد السبب الذي دفعها لأخذ مسافة من حالة هي عالقة بها منذ مدة ليست قصيرة.
انفصلتْ عنها.. وبدأتْ تتأملها من الخارج.
بقيتْ شهوراً غير قادرة على الخطو للأمام ولا اتخاذ أي حركة للخلف، مع أنها في بركان أفكارٍ لا يهدأ.. ثائرٍ لا ينطفئ.
تخوض معارك فكرية وتقلّبات نفسية تأخذها ما بين حدّي تلك الحالة/ النقطة التي بدت لها وكأنها مغارة تفتح بوابتها لتبتلعها إلى جوف معتم مجهول.
لطالما أحبّت مغامرات الحياة.. تلاعبها بخفة مغامر لا يخشى الخسارة..
إذاً لِمَ هي عالقة بمنتصف الطريق..؟
لأول مرة في حياتها تختبر معنى التردد.. مع أنها تتفق وقناعة (هنري فورد): “التردد غالباً أسوأ من اتخاذ فعل خاطئ”..
وحتى هذا التردد جعلته مرّات كثيرة أرضاً للحيرة، تأخذها إلى خيارات عديدة.. تدل على غنى احتمالات ربما لا تبصرها من حيث تقف.
يبدو أن عليها الانتقال إلى الضفة المقابلة لتأمّل (الحالة) وتجريبها بعيني (الآخر).. بعيني الاختلاف والتجدد.. ألم يقل الرومي: (حاول أن تتقبّل تغيّر فصول قلبك كما تتقبّل الفصول التي تمرّ فوق حقلك).
مع الوقت تكشّفت السبل أمامها.. فأن نكون عالقين في وضع معين، ضمن لحظة ربما كانت مفصلية، لا يعني ضياعاً ولا نهايةً.. وحتى لو تستّرت بهيئة حيرة.. هي في حقيقتها انتقال ومساحة خصبة.. مفتاحٌ حلُّ شيفرته يعتمد فقط على تقبّل (الوقوف في المنتصف) قراءته بعمق.. وجعله إمكانية لإدراك الخيارات الحقيقية وبناء المعنى.
(التوقف في مكان وسط) فتحَ لها مساحات من تأمل ذات جديدة لها واكتشافات لِما لم تدركه من قبل.
فالإصغاء جيداً إلى أعماق ذواتنا، ربما حيّره تشوّه “المحيط”.. أو مورِس ضده شيء من تشتت.
ولهذا اعتبرتْ لحظة (التوقف/ الحيرة) تلك، مساحة نضج ونمو.. ومكاشفة لذاتها..
فتأمّلتها مجرّدةً من أي غطاء.. بعيداً عن تصنيفات فوقية (حبّ الذات) الواهية..
أليس من حبّها محاولة تخليصها من اعتيادية بعض قناعاتها..؟.
