الثورة أون لاين -ديب علي حسن:
خسرنا الحرب، ولكننا لم نخسر الأخلاق، قالتها ذات يوم سيدة ألمانية لرجل حاول تجاوز الدور الذي يقف فيه، تحضر الجملة الآن بقوة، وبكل الحروب والأزمات التي تمر بها الدول، ثمة أشياء كثيرة تتغير، تصقل النفوس وتظهر المعادن الأصيلة، وبالتـأكيد ليس في العالم مجتمع يمكن أن تكون نفوس أبنائه جميعا كما الذهب، من هنا تظهر الكثير من العقابيل الاجتماعية والثقافية، وغيرها، مما لم نكن نراه سابقا، ما يستدعي أن تعمل المؤسسات الاجتماعية والثقافية والفكرية، والإعلامية على ممارسة دورها في إعادة بناء الإنسان.
والحكومات هي التي بالتعاون مع المجتمع، ومن نبضه، ومن خلال استشراف ملامحه، تعمل على وضع الاستراتيجيات المعنية بإعادة بناء الإنسان، وفي سورية ليس الأمر صعبا، ولاهو معجزة، لا نجامل أحدا إذ نقول: إن السوري الذي غيّر العالم بثباته وصبره، وعطائه، هو إنسان مجبول من القيم النبيلة، والكرامة، والقدرة على الفعل، بعد عشر سنوات من الحرب على سورية، مازالت أرضنا تنتج، معاملنا تدور، مازلنا نعلن التعاون والمحبة والألفة، ونمضي قدما نحو الكثير من العطاء.
لكن هذا لا يعني أن علينا أن نغض الطرف عن الكثير مما نراه من أمور قد تكون كبيرة حينا في أذاها، وما تتركه من ندوب، لابد من معالجتها، وكما أشرنا المسؤولية جماعية، من الأسرة إلى مؤسسات الدولة كلها.
ونحن اليوم، على أعتاب مرحلة جديدة، تقوم على ما تأسس وتمضي نحو الإعمار بخطى ثابتة، وبعد أن أنجز السوريون استحقاقهم الانتخابي، وبدأ مجلس الشعب دوره التشريعي الجديد، ينتظر الجميع العمل الفعلي، على الأولويات بدءاً من بناء الإنسان، ثقافياً وفكرياً واجتماعياً، وهذا يجب أن يكون أولوية حقيقية.
لدينا في سورية ومع كل ما جرى طاقات خلاقة، وفائض في الإنتاج من أرضنا وتعبنا، ولكن هذا ينقصه الكثير من القدرة على إدارته بالشكل الصحيح من قبلنا جميعا، ميدان العمل اليوم في بناء معمارية الوعي، لا أحد خارج المسؤولية، إعلام، وثقافة وتعليم، وتربية، ومؤسسات حكومية، وسلطات تشريعية، ورشة العمل يجب أن تبدأ، فالنصر السياسي والعسكري الذي تحقق، يجب أن يوزاي بنصر مجتمعي نحن مسؤولون عنه، وليس الأمر بصعب، فلتكن الخطط قيد النقاش والدرس، لا تستبعد أحدا في نقاشها وقراءة خطوطها العريضة، لا نريدها من وراء المكاتب، بل من نبض كل المعنيين، مواطنين، ومؤسسات، ولننتظر.