الثورة أون لاين – آنا عزيز خضر:
لم يخلف المعهد العالي للفنون المسرحية موعده، وكالعادة كما يتحف جمهوره بعروض مشاريع التخرج، تابع هذا العام رغم الظروف الصعبة، ليكون مشروع تخرج طلاب السنه الرابعة – قسم التمثيل، على صالة مسرح القاعة المتعددة الاستعمالات بدار الأسد للثقافة والفنون، حيث كانت الإرادة والتصميم والإنجاز حالة ماثلة أمام الجميع، ترجمها الطلبة والفنانون والمعهد بإصرارٍ أرادوا منه أن يخرج عرض “المهاجر” إلى النور رغم كل الظروف الصعبة التي تفرضها جائحة وباء أطبق على كوننا بأكمله.
“المهاجر” عرض مقتبس عن “مهاجر بريسبان” النص المسرحي الذي كتبه الشاعر والكاتب اللبناني “جورج شحادة” باللغة الفرنسية، وترجمه “أدونيس” إلى العربية. إخراج “عروة العربي”.. مساعد إخراج “حسن دوبا”.
دار العرض حول مهاجر حط رحاله في قرية بعيدة منسية. تنهض من سباتها عندما يثير المهاجر بحضوره المباغت، قضايا إنسانية عديدة، تدفع الصراعات والاحتماﻻت والتكهنات والتناقضات إلى الأمام، لنشهد حاﻻت كثيرة تتفاعل وتتوهج بالانفعاﻻت والتصعيد الواسع والاتهامات وغيرها.
دار هذا ضمن أجواء درامية شاعرية حيناً، وحيناً آخر في منتهى الواقعية، وكل تلك الحاﻻت المتنوعة والعديدة جسدها الطلبة بطريقة تنم عن الاتقان الأكاديمي، الذي هو بمثابة احترافية متأهبة للانطلاق إلى المستقبل، علاوة على الإصرار والتحدي للظروف الصعبة التي تحيط بهم.
حول العرض وشخصياته وظروف العمل، تحدثنا مع أكثر من خريج وكانت البداية مع “علي إسماعيل” الذي قال:
“حاولنا خلال المدة التي كانت مفروضة علينا بسبب جائحة كورونا، وهي شهر وعشرة أيام، أن نصنع توليفة بسيطة وممتعة تكون سلسة للمشاهد ومفهومة. العرض يتحدث عن ضيعة وحيدة لم تدمرها الحرب، وهي قرية هانئة وحلوة بطبيعتها، وعند وصول المهاجر الذي جلبه حوذي عجوز إليها، بدعوى أنها قريته. “ذلك أن ضيعته قد دمرتها الحرب”. عند وصوله، يكون حاملاً وصية لابنه من إحدى نساء القرية، وهنا تثار الشكوك..
شخصيتي في هذا العرض، هي “سكارمل” وتعود لشخص ريفي بسيط طيب لكن ﻻ يمكنه التعبير بالطريقة الصحيحة دائماً. عصبي ومتوتر، ويحب زوجته لورا كثيراً لكنه يضربها محاولاً الكشف عما إذا كانت وصية ابن المهاجر لها.
من هنا، لا بد من القول، إن المشروع سيكون مادة امتحانية ضمن استديو داخل المعهد، وبدون جمهور بسبب وباء “الكورونا” وخلال شهر وعشرة أيام ﻻ يمكننا أن ننجز عرضاً كاملاً متكامل. لكن فيما بعد، قررت إدارة المعهد أن طلاب التخرج السنة الرابعة، من حقهم أن يعرضوا أمام الجمهور، وبالفعل انتقلنا إلى “دار الأسد” وكنا شبه خلية نحل تشتغل ليلاً ونهاراً، حتى تمكّنا من صناعة توليفة بهذا الشكل. طبعاً كل ذلك تحت إشراف الاستاذ “عروة العربي” ومساعده وإدارة المعهد.
أما الفنانة “حسناء السالم” فقد قالت عن العرض: جسدت دور إحدى نساء الضيعة التي تحب أسرتها بشكل كبير، لكنها تتهم كغيرها من النساء أن الوصية لها، فتتغير حياتها كالأخريات رغم حب زوجها الكبير لها، ولكنها استطاعت إقناعه بطريقتها الصحيحة المليئة بالحنان والعقلانية. هذا وقد استطعنا في وقت قياسي، أن نصنع هذا العرض بتشجيع من المخرج وإدارة المعهد، رغم كل الظروف الصعبة التي تعيشها سورية، وكان للعمل أصداؤه المتميزة التي لفتت الأنظار بحق”.
آنا عزيز خضر