الثورة أون ﻻين- عمار النعمة:
“الطرف الآخر للرمل” عنوان كتاب صدر عن الهيئة السورية العامة للكتاب لمؤلفه ناظم مهنا وهو عبارة عن قصيدة شعرية جاءت في كتاب واحد تسرد تاريخا ثقافيا طويلا في بنيانه, هي إنشاد ملحمي حديث من ثلاثة مقاطع تقوم على تفتيت مركزية الانفعال الشعري والتأملي, وخلق توترات قائمة على المفارقات وغير المتوقع, وجدلية الحضور والغياب , الذاكرة والنسيان, يتداخل فيها الشعر والسرد .
مرحباً أيها الزمن الغابر
الزمن الذي انطوت فيه صفحة الشعراء
وعبث بأخبارهم العابثون
عم مساء يا امرأ القيس وكل رهط شعراء العصر القمري
عِمُوا مساء جميعاً ..
السلام عليك ياجزيرة العرب
وإلى حجارة الشام ألف سلام
بهذه الأبيات افتتح ناظم مهنا مجموعته ليؤكد بأن الصدق في الأدب يتحقق إذا انطلق من ذات الشاعر وعاطفته وانفعالاته, ففي كتاب (الطرف الآخر للرمل) نجده يكتب قصته الشعرية لتصل إلى قلب المتلقي بأسلوب رشيق وجذاب..
والمتابع للمجموعة يرى أن مهنا يمجد الجيد ويسخر من الرديء بأسلوب لافت وممتع فنقرأ بعضا مما قاله:
في وحشة تلك الأرض انقض علينا الليل فجأة
ورأيت مالم يره الشنفرى في البيداء
خاطبني صعلوك بلسان صعوة
قرصها الشوك وأدمى جناحيها
استجمع كلماتي المتنفرة , واعبر مفازة لازوردية
على جنباتها يعوي الشغف
عواء أصفر كزهر الطّيون
لايعقد ثمراً ولايحمرّ وجداً
أو شهوة أو حياء .
وبأسلوبه الجميل يقص علينا الشاعر تقلبات الأيام, وعواصف الطقس العمري حتى نصل بيت القصيد, نجده يبدع في الوصف ووضع المفردات في مكانها فيقول:
لم يبق لنا إلا أن نقرأ كتاب المكان
من أبراج صخرية لا أثر فيها لعجلات الهكسوس
لا طريق للعبور إلى ديار كليوباترة
لكن روس سفينكس متناثرة فوق الأجمات
بما يوحي بحرب ضروس
مَن فقأ عيني حارس المدينة
أثمة شيء أراد أن يقوله المحاربون غير لغة السيف .
ولأن الشاعر مهنا ابن الثقافة والحياة نجده في المجموعة يحث على بناء مجتمع ثقافي مليء بالرؤى والأفكار الإيجابية التي تقود إلى العطاء اللامحدود .. يزرع الشتلات في الروح لتورق في الأحشاء اشياء ايجابية …
على الصخر نقش كلمات تزهر في العتمة
وتنكمش في الضوء
هنا يصنع الخيال أطيافاً
سيدة مترفة من سيدات الرمل المترحلات بين زواريب المدينة الدّارسة!
وللرمل أيضاً في تلك الأرض صلاة وحكاية
نجيء من أمهات بعيداتٍ متخاصمات أحياناً
نُقيم حواراً صامتاً مع الرمل والحجر والضوء .